تهنئة حسني مبارك

TT

لافت، ومهم، خطاب العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز للرئيس المصري محمد حسني مبارك، بعد المصالحة التي تمت في القاهرة بين الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية.

لا شك أن مصر ورئيسها، اللذين تحملا الكثير من ظلم ذوي القربى، يستحقان  التهنئة، لكن المهم هنا هو فهم مغزى هذا الخطاب السعودي اللافت للنظر.

يقول العاهل السعودي في خطابه للرئيس المصري «لا شك أن ما قام به فخامتكم من جهود، يدل دلالة قاطعة على أن مصر الشعب الحر الأبي، مصر العروبة والإسلام، وبقيادتكم الحكيمة تصدت لدورها التاريخي المؤمل منها، حكومة وشعباً». ثم يضيف عن مصر «أثبتت، كما هي عادتها، عن عزمها المستمر على إيجاد الحل للخلاف الفلسطيني ـ الفلسطيني، ولم يعرف الملل، ولا الكلل، ولا الضعف، دربه إلى عقل القاهرة المُتيقظ».

أولى النقاط التي تستحق التسجيل هنا، هي أنه بات من الواضح لدى الرياض والقاهرة أنهما معنيتان بكل ما يحاك ضد العالم العربي، وأن ما يعتقد البعض أنه بعيد عن السعودية ومصر ما هو إلا مخطط منظم من أجل الإضرار بالمنطقة، وبهما.

كما أن خطاب العاهل السعودي يظهر أنه لا تنافس بين الرياض والقاهرة فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية، بل هناك حرص سعودي يتساوى مع الحرص المصري على لم الشمل الفلسطيني، وتجنيب القضية أن تكون ورقة لأطراف خارجية.

فمن الصعب نسيان ما قاله حسن نصر الله بحق مصر، وما قاله الإيرانيون بحق السعودية، على خلفية حرب غزة، في حملة تحريضية منظمة على البلدين. وهنا مربط الفرس.

فالسعوديون قاموا بدورهم تجاه الفلسطينيين إبان اتفاق مكة، وحدث بعدها ما حدث، اليوم أكمل المصريون دورهم التاريخي تجاه فلسطين، وسارع السعوديون ليقولوا للقاهرة إن نجاحكم هو نجاح لنا.

بل إن الملك عبد الله يقول في خطابه التاريخي الموجه للرئيس المصري «هنيئاً لنا بكم ـ بعد الله ـ عوناً ونصيراً لقضايا أمتيكم العربية والإسلامية». وهنا يظهر التكامل الواضح بين السعودية ومصر، وهذا ما يفرح به كل عاقل.

المهم اليوم أن يثبت الفلسطينيون أنفسهم، وبكل فصائلهم وتحديدا حماس، أنهم حريصون على تلك المصالحة وإنجاحها والتمسك بها، رغم كل الصعوبات التي ستواجههم، وتغليب مصلحة القضية، لا آيديولوجيا على أخرى، أو مصالح ضيقة. فلن يجد من يعطل جهد القاهرة من الفلسطينيين أي عذر، فبعد اتفاق مكة عرفت حماس كيف صدم كثير من العرب مما فعلته الحركة، مهما قيل ويقال، وبالتالي فإن من يسعى لإفشال الحوار يجب أن يتحمل مسؤوليته غدا. ولذا يجب أن تعمد القاهرة من دون تردد إلى تسمية أي طرف عربي يسعى لتعطيل المصالحة الفلسطينية، ليس من أجل الثأر، بل لكي يتحمل مسؤوليته أمام الرأي العام العربي، وهذا أمر يجب أن تسعى إليه السعودية أيضا ليعرف من يريد التخريب أن هناك ثمنا سيدفعونه.

[email protected]