كلب الرئيس

TT

من حق بعض العقلاء الذين يقرأون المقال أن يهزوا كتوفهم ازدراء، وهم يتساءلون: «هل وصلت اهتماماتنا إلى مستوى الكلاب؟!»، ولا أعتقد أن الصواب جانبهم تماما، لكن عذري أن الكلب الذي نتحدث عنه ليس ككل الكلاب، فهو الكلب الذي سيدخل البيت الأبيض في أبريل القادم، وتحدثت عن أصله وفصله مختلف وسائل الإعلام، فهو ليس من الكلاب العقورة التي تجلب اللوم لصاحبها، فينطبق عليه قول الشاعر:

ومن يربط الكلب العقور ببابه فعقر جميع الناس من صاحب الكلب

فهو من سلالة معتدلة المزاج، رقيقة الطباع، حسنة المعشر، أليفة الصحبة، قليلة النباح، وقلة النباح من صفات الشجاعة، والأصالة، والحكمة في تصنيفات الكلاب.

وسينضم هذا الكلب المحظوظ إلى قافلة المحظوظين من الكلاب، وسيدرب طويلا على بروتوكولات التعامل مع البشر، وبالتالي فهو لن يتورط في عض أحد المارة بجوار السور، كما فعل كلب الست أم كلثوم حينما نهش ساق أحد العابرين بجوار سور بيتها في الزمالك لينظم في حينها أحمد فؤاد نجم قصيدته الشهيرة «كلب الست» التي مطلعها: «هيص يا كلب الست هيص»، ولن يكون هذا الكلب المنتقى بعناية ككلب الوالي، الذي قال فيه أحد الشعراء:

«كلب والينا العظيم

عضني اليوم ومات

فدعاني حارس الأمن لأعدم

عندما أثبت تقرير الوفاة

أن كلب السيد الوالي تسمم».

كما أن هذا الكلب لن يكون كبقرة ذلك الحاكم، التي يقال إنها كانت ترعى في الأسواق، فتأكل خضروات البائعين وفواكههم، وأطايب مبيعاتهم، ولا يجرؤ على هشها، أو نشها أحد من المتضررين، فهذا الكلب المحظوظ سيكتفي بمؤانسة ماليا وساشا ابنتي الرئيس في البيت الأبيض، هذا البيت الذي شهد قبلهما أطفالا مثل: آمي كارتر، وكارولين، وجون كينيدي «الصغير»، وتشيلسي كلينتون، وجميعهم تطلب أمر إقامتهم في البيت الأبيض إضفاء لمسة طفولية على هذا البيت المغمور بالسياسة، والاجتماعات، والقرارات، والعمل الجاد.

وفي الأخير: ما كان يهمني في كل هذا الأمر احترام العالم المتقدم للطفولة، واهتماماتها، ولعبها، ومؤانستها، ورفاهيتها، ففي زحمة طموحات الكبار، وصراعات الوصول إلى البيت الأبيض لم ينس الأب، ولا العالم أن طفلتين بريئتين انتزعتا من محيطهما في شيكاغو لتحلا في هذا البيت المسكون بهموم الدنيا، ويقتضي الواجب فعل كل شيء يسهم في استعادة طفولتهما المسروقة من ركاب السياسة.

[email protected]