وحزمت أمتعتي وسافرت!

TT

قلت: والله زمان..

لم أسمع صوته منذ وقت طويل.. وإن كانت الخطابات والكتب بيننا متصلة، وهو يبعث وأنا أيضا.. إنها علاقة أدبية ثقافية.. أسمى أنواع العلاقات.. أما العلاقات السياسية فهي دون ذلك بكثير..

سألني: متى تجيء؟

قلت : قريبا جدًّا..

سألني: وماذا عندك؟

قلت: ليس عندي أكثر من الذي عندك. هي حكايات وقصص ونوادر وقليل جدًّا من العتاب، ليس عليك ولكن على زملاء المهنة الذين تركوا القضايا وأمسكوا في الجاكتة والبنطلون ولم يعرفوا لون الحذاء.. فقد ظنوني حافيا أمشي على شوك الندم لأنني وقفت إلى جوار بلادي مؤيدا الصيغة السياسية التي اختارتها.. وثبت لدينا ولديكم أنها صحيحة..

وصديق آخر سألني في التليفون: متى تجيء؟

قلت : لا أظن سأجيء.. فأنا لم أشعر لحظة واحدة أنني لم أكن هناك.. وأنك لم تكن هنا. فالذي بيننا أقوى وأعمق من الجلوس تحت خيمة واحدة .. ولذلك أريد أن أعرف ماذا جرى وكيف؟!

وسألني زميل آخر: متى تجيء؟

قلت: لم يعد عندكم جديد أراه.. ولا عندي رغبة. فقد تعبت وضقت ومللت ويئست..

وأعترف بأنكم طراز آخر من البشر.. تهتزون دائما. وليس ذلك دليلا على الاضطراب كما تهتز عقارب الساعة القديمة.. وعدادات النور.. أنتم مثل السمك «الرعاش» الذي ينتفض دائما لا بسبب برودة الماء أو لأنه مريض..ولكنها طبيعته.. فقد اعتدتم على أن تكونوا جزيرة محاطة بالكراهية.. واعتدتم أن تكونوا في حالة استعداد للانطواء أو الاعتداء.. فما حاجتي إلى أن أذهب إليكم. وأنتم وجع وتشنج في عقلي وقلبي؟

ولم أقاوم الرغبة في أن أعرف أكثر وأوضح وأعمق. وحزمت أمتعتي..