هدف واضح

TT

الحراك السياسي في المملكة العربية السعودية يسير باتجاه مختلف ومثير. مضت أسابيع على أجرأ تعديل وزاري وعلى قرارات تشريعية بالغة الأهمية والتأثير، دماء شابة يافعة وجديدة تضخ في قلب الهيكل الوزاري وفي مجلس الشورى التشريعي. الآمال والطموحات كبيرة وبالتالي النتائج المرجوة يجب أن تواكب ذلك بلا تقصير. ولعل الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد وزير التربية الجديد يدرك أن أمامه ملفّا معقدا وشائكا وبالغ الأهمية، فهو «مطبخ» صناعة مستقبل البلاد، وسوف يكون مطالبا بإحداث الكثير من الانتصارات الصغيرة والسريعة حتى يكسب بها ثقة العامة ويتمكن من كسر دائرة الإحباط المحيطة بهذا المرفق الحيوي جدا. وزير العدل الجديد محمد العيسى وهو شاب طموح ومثابر، مشهود له بالكفاءة والحكمة والرصانة لديه النفس الطويل ورباطة الجأش على مواجهة الاستحقاق الأكثر حساسية، فهناك طموحات كبيرة بعد موجة من الاعتلالات والأضرار التي أضرت الجسد والمنظومة القضائية عبر السنوات الطويلة التي انقضت دونما تطور وإصلاح مطلوب في قدرات وأدوات وكفاءة الجهاز، وهي مسألة أقل ما يمكن قوله عنها أنها في غاية الأهمية والضرورة. التطور المنشود بالإضافة إلى كونه مهما من جانب التركيز على الجانب النوعي في وسائل وأدوات الإصلاح والتطوير فإن الجانب الكمي مطلوب أيضا وذلك بإضافة الأعداد المؤهلة من القضاة والمساعدين لتلبية الضغوطات المتزايدة على الجهاز اليوم. ليس هناك من بلد لا ينشد أن يكون لديه نظام تعليمي متطور يلبي احتياجات سوق العمل ويواكب التطورات العالمية، ويكون لديه نظام قضائي يطبق النظم بفعالية وسوية دون استثناء ولا تعطيل، وطبعا يجب أن يضاف إلى ذلك جهاز صحي يقدم الخدمة الطبية العلاجية والوقائية على أعلى المستويات وبأفضل الأنظمة وأكثرها فعالية واقتصادية، وهي المهمة التي وقعت على كاهل الطبيب الناجح عبد الله الربيعة، إلا أنها مهمة صعبة جدا نظرا إلى تدهور الخدمات الصحية في السنوات الأخيرة، وظهور المشكلات والعلل بشكل مزعج للغاية مما أدى إلى ظهور العديد من المشكلات الإدارية والأخطاء الطبية بشكل لا يمكن اعتباره أنه من ضمن «النسبة المعقولة» المعترف بها قياسا في الكيانات الصحية في العالم. المواطن بحاجة وهو يتعامل مع القطاع الصحي أن يشعر أن لديه الحد الأدنى من الأمان والثقة بما سوف يقدم له من خدمات صحية بدلا من أن يشعر بخوف أو مهانة لا داعي لها أبدا.

محمد الجاسر يترأس مؤسسة النقد، البنك المركزي للدولة، وهو مطالب بـ«أنسنة» الجهاز حتى يشعر الإنسان بقيمة ما يقدم له شخصيا، وذلك عن طريق المصارف التي يتعامل معها بشكل يومي واعتيادي، واستشهد بذلك مثلا سريعا اطلعت عليه عن شكوى مقدمة لأم حاضنة لأولادها ولا تستطيع أن تفتح حسابات بأسمائهم! المجتمع والشرع يأتمنها على تربية الأولاد والبنك يرفض أن تفتح هي حسابا لهم. منطق أعوج يجب أن يتغير ويتعدل. مجلس الشورى يراهن عليه الناس أن يكون أكثر حيوية وتلبية للمطالب والطموحات، فالتحديات كبيرة والآمال عريضة وإيقاع المجلس بحاجة إلى أن يواكب ذلك. كل المؤشرات وأدوات الفعل إيجابية ولصالح التغيير الأخير، والكل الآن يدعو وينتظر النتائج بشوق كبير.

[email protected]