العراق.. الآن معركة النفوذ

TT

إعلان الرئيس أوباما بأن نهاية أغسطس 2010 سيكون موعدا لإنهاء الحرب بالعراق وسحب القوات الأميركية المقاتلة بحلول ذلك التاريخ مع إبقاء قوات تدريبية، يعني أن العراق في انتظار معركة أخرى خطرة، والمقصود هنا هو معركة النفوذ.

خروج الأميركيين من بغداد يعني أن فراغا ما سيحدث، وبالتالي لا بد أن تكون هناك قوة تعبئ هذا الفراغ، والخطورة هنا هي في غياب السلطات العراقية القوية.

فالعراق يعاني من ضعف في المراكز الإدارية القوية والتي تتمتع بالاستقلال، كما أن حجم الشك الذي يحمله العراقيون تجاه بعضهم البعض يحول دون وجود حكومة مركزية قوية تشكل العمود الفقري للبلاد. والبعض يتهم نوري المالكي بأنه يريد أن يكون صدام حسين آخر، وهناك أيضا الخلافات بين الأكراد، وخلافهم مع المالكي وغيره، وما زلنا بانتظار الانتخابات النيابية العراقية القادمة التي ستكشف عن الخريطة السياسية هناك.

ولذا فإن القلق اليوم هو من سعي إيران، أو سورية، أو تركيا، لملء الفراغ المتوقع من خروج القوات الأميركية، وقد حذر أحد النواب العراقيين من الفراغ بتعليق منطقي، إذ يقول أسامة النجيفي عن الفراغ: «إما أن يُملأ بالعراقيين إذا استطاعوا أن يحققوا مصالحة وطنية ويبنوا دولة المؤسسات وجيشا محترفا يدين بالولاء للوطن».. أو، والحديث للنجيفي، «إذا لم يتوصل العراقيون إلى وحدة وطنية ومصالحة حقيقية ومعالجة الملفات العالقة في الدستور والمهجرين وكركوك ومسائل التكتل الطائفي والعنصري، فأعتقد أن من سيملأ الفراغ سيكون إيران وسيقع العراق فريسة للأطماع والتجاوزات الدولية».

والمطلوب هنا ليس تحريض دول عربية أخرى لملء ذلك الفراغ، بل المطلوب هو أن يكون العراقيون على درجة من الحذر والوعي لكي لا يخرج المحتل الأميركي، ويأتي محتل آخر. فالعراق في أمسّ الحاجة إلى مصالحة تشمل كل ألوان طيفه.

الرئيس الأميركي، وبعد أن بشر بعصر جديد بالمنطقة، يقول إنه ليس بوسع واشنطن حل جميع مشاكل العراق، أو حماية شوارعه أمنيا، قائلا: «لا يمكننا تخليص العراق من كل الذين يعارضون أميركا أو يتعاطفون مع خصومنا». وهذا كلام صحيح، فإذا أريد للعراق أن يكون دولة ديمقراطية فلا بد أن يكون هناك من يريد علاقة جيدة مع أميركا، ومن لا يريد أيضا، لكن على واشنطن والدول العربية الفاعلة أن تسعى أولا وقبل كل شيء إلى ترسيخ المصالحة العراقية.

فخطر الانقسام على العراقيين سيكون كبيرا، ويفتح المجال للاستقواء بالخارج، مثلما هو حاصل بلبنان. ولذا فلا بد من تواصل أميركي وأوروبي وعربي أكبر مع العراق، على كافة المستويات ليكون لدى بغداد خيارات أخرى غير إيران. كما لا بد من أن يتنبه العراقيون والأميركيون والعرب لخطورة المرحلة القادمة والتي ستكون بمثابة معركة من أجل النفوذ وملء الفراغ في العراق، ولا شك أنها ستكون معركة قاسية وصعبة.

[email protected]