ولكن أحدا لم يمت!

TT

نشرت إحدى المجلات المتخصصة في صيد الأسماك نعيا طويلا عريضا لصاحب شركة أسماك. وكان الذي أرسل النعي أحد أقاربه. ولكن لسبب ما، تشكك بعض التجار في صحة الخبر. فلم يكن الرجل مريضا، وإنما كل ما حدث أنه ترك شقته إلى شقة أخرى، ونقل سفينته إلى العمل في بحر المانش.. وألقى البوليس القبض عليه؛ فقد نشر نعيا كاذبا ليتهرب من ضرائب قدرها مليون جنيه.

وتذكرنا هذه القصة بواقعة مشابهة لأحد الزملاء الذي توفيت والدته. ونشرت الصحف خبر الوفاة. وتلقى العزاء، واحتشدنا نجفف دموعه، ونشدّ على يديه ونشجعه..

وفى اليوم التالي فوجئنا بهجوم من أقاربه الصعايدة يحطمون المكاتب بالعصي والنبابيت، ويتهموننا جميعا بالكذب والنصب وتحطيم القلوب، وجرجرتهم من أقاصي الصعيد إلى القاهرة. فماذا حدث؟ إن أم زميلنا لم تمت، وإنما هو اضطر إلى ذلك لحاجته إلى الفلوس. ويوم قبض الفلوس اختفى وادعى أنه ذهب إلى الصعيد، ثم عاد في اليوم التالي. وعرفنا أنه أضاع الفلوس في القمار. وفوجئنا بوفد آخر من الناس الطيبين من أهل بحري، جاءوا وفى أيديهم سكاكين. وأقسموا أن يقتلوه، وأن يشربوا من دمه.. فما الذي حدث؟. إنه وعد ابنتهم بالزواج، ثم استولى منها على مبلغ من المال لكي يدفن أمه، ويقيم لها جنازة تليق بمقامها بين الناس في الصعيد..

وفى اليوم الذي يليه جاء البوليس يطلب القبض عليه، لأنه نصب على الرجل الذي أقام صوان العزاء.. فقد طلب إليه أن يجعله صوانا يضم ألف مقعد، وأن يأتي بأفضل من يقرأ القرآن، وأحسن من يقدم القهوة.. والمشكلة أن عدد الذين جاءوا للعزاء كان قليلا.. ثم هرب!

يرحمه الله، فقد كان نصابا خفيف الدم، وكانت له حكايات وروايات، وقد اعتدنا ألا نصدقها! وعليه العوض في كل ما اقترض من أموال!