«منزل صدام»

TT

كيف برّر صدام حسين لابنتيه رغد ورنا إعدامه زوجيهما حسين وصدام كامل المجيد؟ كيف تلقى الرئيس العراقي السابق نبأ مقتل ولديه عدي وقصي؟ وهل زار قبرهما سرا؟ هل يمكن لصدام حسين أن يكون عاشقا محبا؟ ماذا يعني الولاء؟ وكيف يكون الإيمان بالنسبة إلى شخصية مركبة ومعقدة كتلك التي حكمت العراق بالحديد والنار لأكثر من أربعة وعشرين عاما؟!

إنها بعض من عشرات الأسئلة التي قد تخطر بالبال حين يتعلق الأمر بشخصية كشخصية الرئيس العراقي السابق صدام حسين والتي جرت محاولة لمعالجتها دراميا في مسلسل «منزل صدام» الذي أنتجته وعرضته قناة BBC بالاشتراك مع قناة HBO. أثار المسلسل البالغ الاحتراف دراميا وإنتاجيا جدلا كبيرا لدى عرضه في بريطانيا والولايات المتحدة، ولا يبدو أنه سيتسنى للجمهور العربي أن يشاهده قريبا على شاشة عربية إذ لا تزال شخصية صدام حسين تستثير جماهير واسعة، سواء تلك الكارهة له ولحقبته، أو تلك التي ترى فيه بطلا وشهيدا، وبالتالي فإن حساسية كبرى سترافق عرض سيرة من هذا النوع على قناة عربية، لكن الأكيد أن عربا كثرا شاهدوا المسلسل إما عبر مواقع إنترنت وإما عبر أشرطة الـDVD.

المسلسل المكون من أربع حلقات يركز على صدام حسين الأب والزوج الخائن والمتآمر وزعيم العشيرة والحاكم القاسي والمشغول بنفسه. في السلسلة نقترب من صدام ونتعرف على الشخص أكثر، ولكن نتعرف عليه على نحو بالغ الحساسية بعيدا عن الإسقاطات التي يمكن أن تقع فيها مقاربة درامية لشخصية معقدة من طراز صدام حسين.

لا شك أن سيرة دكتاتور مثل صدام حسين قد استقامت معرفتها في وعينا من مصادر مختلفة. الوقائع والصور والوثائق والروايات المتناثرة حوله وحول عائلته قدمت لنا صورة لكنها غير كاملة ولا شافية.

عدا عن أن نعرف، نحن نحتاج أن نفهم.

ربما لهذا نحتاج إلى معالجة درامية كتلك التي قدمتها سلسلة «منزل صدام» لنقترب أكثر ونفهم مصادر العنف بما يتعدى صدام وخياراته، فالعنف كان موجودا في تركيبة اجتماعية أنتجت صدام حسين ولم تصدر عنه فقط.

قد لا تقدم الدراما صورة كاملة أو حقيقية، لكنها تسمح لنا بالتخيل والاقتراب من تفاصيل.

نحن نحتاج إلى سيرة غير سياسية لشخصية مثل صدام. فالتقييم السياسي ليس وحده ما يفسر ظاهرة حكم حزب كحزب «البعث». الاقتراب من صدام كشخص لا كسياسي، وكأب لا كحاكم، وكعاشق، أمر ليس تافها أو ثانويا.

من المستحيل عدم التوقف عند لحظة كلحظة إعدام صدام حسين، وهي لحظة لم تتناولها السيرة، لكنها دارت حولها. عند إعدامه بدا صدام حسين منسجما مع نفسه وخياراته التي نبغضها ونكرهها، ولطالما أثارت فينا هلعا وصدمة.

كيف يمكن لصدام حسين في لحظة الحقيقة، وهي لحظة إعدامه وموته، أن يبقى مؤمنا بنفسه ومنسجما مع ما كانه طوال عقود؟

السؤال ليس من باب الإعجاب أو باب الانبهار، بل من باب الحاجة إلى الفهم.

قد يمكن للدراما أن تساعدنا على ما عجزنا عن فهمه في السياسة...

diana@ asharqalawsat.com