خلوة مع عجوز عمرها 75 سنة

TT

نشرت إحدى الصحف المحلية السعودية، وبعض المواقع الإلكترونية قبل أيام خبر الحكم الذي أصدرته إحدى المحاكم في شمال السعودية على عجوز تبلغ من العمر 75 سنة بالسجن 4 أشهر، وجلدها 40 جلدة، وتسفيرها، ومنعها من دخول السعودية مستقبلا بسبب خلوة غير شرعية مع شابين، ادعى أحدهما أنه ابنها من الرضاع، وأنه اصطحب رفيقه معه لتوصيل خبز للمرأة المسنة، وحكم على الشاب، الذي لم تثبت بنوة العجوز له بالرضاع بالسجن أربعة أشهر، والجلد 40 جلدة، وعلى رفيقه بالسجن ستة أشهر، والجلد 60 جلدة.

واستوقفتني تعليقات، ومداخلات القراء التي ركز جلها على عمر المرأة، وصعوبة أن تكون في موضع شبهة بالقياس إلى سنها، وتساءل بعضهم إن كانت المرأة المسنة قادرة في مثل هذا العمر أن تتحمل الجلد، ونحو ذلك من الآراء والمداخلات، التي تكشف أن الغالبية منهم لم تكن تنظر ـ تعودا أو عدم معرفة ـ إلى مسألة الخلوة مع عجوز مسنة مسألة قد تجلب على صاحبها السجن والجلد، وعدم المعرفة هذه تمتد من القراء إلى ما ألفه البعض في بيئات اجتماعية من النظر إلى العجوز، والتعامل معها كأم، وجدة، وعمة، وخالة، بعيدا عن استحضار عوامل الريبة والشك، حتى إن بعض الذين يسهمون في مجال التكافل الاجتماعي بمساعدة العجزة والمسنات قد يقعون في مثل هذا المحظور بصورة عفوية مع سلامة النية، والمقصد، والهدف، وفي الذاكرة صورة ذلك الرجل الكريم ـ رحمه الله ـ الذي كان في شهر رمضان من كل عام يحمل على كتفه أكياس الأرز، والدقيق، ونواياه الطيبة، ليدخل بها بيوت العجزة والمسنات في الكثير من أحياء مدينة جدة، ولم يكن في ذهنه، ولا في أذهان سكان تلك البيوت أن مثل هذا السلوك يدخل في دائرة المنهي عنه.

وأنا هنا لا أناقش الحكم الشرعي، ولا حيثياته، فللقضاء الشرعي مرتكزات أحكامه، ومرجعياته، ومنطلقاته، التي يجب احترامها، ولكنني أتوقف عند ضرورة تبصير المتعاملين مع العجزة والمسنات بضرورة أخذ مسألة الخلوة في الاعتبار، لكي لا يجدوا أنفسهم في مواجهة قضايا لم تكن في دائرة إدراكهم، ومعرفتهم، وخبراتهم، فالأمر يستوجب تثقيف الناس، لكي لا يقعوا في المحظور من حيث لا يعلمون.

[email protected]