لا تكن رخوا يا جورج

TT

يتذكر البريطانيون، بمشاعر وأحكام مختلفة، مرور ثلاثين عاما على وصول مارغريت ثاتشر إلى الزعامة الوطنية في دولة غربية بحجم بريطانيا. البعض لا يزال ينتقد نزعتها الحديدية، أو الديكتاتورية، والبعض يرى أنها زادت في حجم الهوة بين الغنى والفقر. لكن في كل الحالات، لم يعرف الغرب في القرن الماضي، امرأة تاريخية مثلها. وهناك نموذج آخر هذا القرن، تطرحه انغيلا ميركل، لكن المراحل مختلفة والبلاد مختلفة والألوان مختلفة تماما. فقد عرفت مارغريت ثاتشر كيف تطبع العالم بألوانها الصاخبة: مرة تؤنب الكرملين، ومرة تستقبل ميخائيل غورباتشوف قائلة «هذا رجل يمكن عقد الصفقة معه»، ومرة تخاطب جورج بوش الأب قائلة: «إياك أن تكون رخوا في الخليج».

صدر نحو 164 كتابا عن ثاتشر حتى الآن، تراوح ما بين الشجب والولاء. لكن أحدا لم ينازع موقعها التاريخي. وإذ تكمل عامها الرابع والثمانين تظل هي، والملكة التي تصغرها ببضعة أشهر، الصورتين النسائيتين اللتين تسيطران على المشهد البريطاني. ومع أن المرأة الحديدية بدأت تعاني من أعراض «الزهايمر»، وتثير من العطف أكثر مما تثير من الجدل، فلم تحل محلها صورة أي امرأة أخرى، برغم ارتفاع عدد النساء في الحكومة والبرلمان.

أخطأت أم أصابت، لقد كانت امرأة متعلقة بمثل أخلاقية كثيرة. ولعلها، في هذا المعنى، كانت آخر «المحافظين» الأوروبيين الذين رفضوا مقايضة القواعد الأخلاقية بالمكاسب السياسية. أي جيل ديغول وماكميلان واديناور الذي حل محله جيل برلسكوني وشرودر وبلير. وبعيدا عن ذلك الجيل، نرى اليوم أوروبا مهددة بالسقوط. فقد كان ديغول في الماضي يرفض ضم بريطانيا إلى السوق المشتركة بسبب افتقارها إلى الشروط، لكن أوروبا الحديثة ضمت بلدانا مثل بلغاريا ورومانيا، وها هي الآن تواجه الخطر الناتج عن التفاوت الهائل في أوضاع الدول الأعضاء. فالأزمة المالية الحالية تشكل أول امتحان قاس لمدى متانة أواصر الوحدة بين غرب أوروبا المتقدم وشرقها المتخلف.

ربما لا عودة إلى ثاتشر والثاتشرية. لقد كانت ترفع شعار «العائلة»، فيما يباهي زعماء أوروبا الجدد بعدد العشيقات وأرقام الثروة. وبعد ثاتشر دخلت بريطانيا في عصر ديانا سبنسر. وفيما كانت صورة داوننغ ستريت، صورة ماغي وإلى جانبها العزيز دنيس، صارت صورة بكنغهام ما بين تشارلز وديانا، يتنافسان في عدد العشيقات والعشاق.