أنت تعرف أكثر مما تتصور!

TT

إذا أنت تفرجت على لاعبي كرة الطاولة أو الاسكواش فأنت أحياناً كثيرة لا ترى الكرة، لأنها تجيء بسرعة وترتد بسرعة. السؤال: كم تستغرق الكرة من الثواني لكي تنطلق، وكم جزءًا من الثانية يستعد لها اللاعب الآخر، فيراها وهى طائرة إليه ثم يضربها. إن القرار يتم في جزء من الثانية.. أو بعبارة أخرى: اللاعب يرى الكرة متجهة إليه.. فيدرك السرعة والزاوية ويستعد ويرد بسرعة أيضاً. السؤال: كيف تم هذا القرار ـ أي قرار أن تصد كرة طائرة. كيف جاءت هذه اللحظة الحاسمة؟!

مثل آخر: حدث في حرب الخليج الأولى أن أحد الجنود الأمريكان استمع إلى صوت راداري وبسرعة أطلق صاروخاً فأصاب طائرة. السؤال: كيف (قرر) هذا الجندي وهو لا يرى الهدف وإنما يرى إشارة ضوئية قد تكون رسالة وقد تكون هدفاً. ولكنه قرر أنها طائرة. وأنه من الضروري أن يصيبها فوراً. فأصابها. وانتهز علماء النفس هذه الفرصة ليعرفوا كيف اتخذ هذا القرار الحاسم.. أو كيف نتخذ نحن أيضاً قراراتنا الحاسمة وبسرعة..

إن جانباً من العقل هو الذي يملك سرعة البت واتخاذ القرار.. وإن العقل بسرعة يفرز الإمكانيات والاحتمالات ولا يستغرق وقتاً طويلا بل جزءًا من الثانية. إن هذا يحدث كل يوم ولكننا لا ندري. فالذي يعرفه العقل أكثر كثيراً جداً مما نتصور. وسرعة الحسم أعجب مما نتخيل.. ولا يزال العقل معجزة الخلق.. إن صورة المخ أو النشاط المخي الذي نسميه العقل والتعقل والتفكير والتدبير، لا يدل على هذه العظمة التي أودعها الله هذه الكتلة الرمادية من اللحم والدم والأعصاب ـ سبحان الله!