مجرد رأي

TT

منذ أيام شاهدت لقاءً تلفزيونيا مع السيدة مني عبد الناصر، ابنة الرئيس جمال عبد الناصر وأرملة رجل الأعمال الراحل أشرف مروان. كانت السيدة مني تروي جوانب من تاريخها الشخصي كابنة لزعيم عربي وسعت شهرته في حياته وبعد رحيله العالم كله.

وكالعادة دعم مقدم اللقاء الحديث بمقاطع من أرشيف الأفلام والصور، وروت السيدة مني أنها تأثرت في قرار الزواج بما قالته لها والدتها السيدة تحية. فقد تصادف أن تقدم لها خاطبان في الوقت نفسه. كان الخاطب الأول ثرياً تسبقه وعود بتقديم شبكة من الماس البراق ومهر كبير. والثاني، وهو أشرف مروان، شاب تخرج حديثا ولم يحصل على وظيفة بعد، ولكنه وسيم نفذ إلى قلب العروس وإلى خيالها بقوة.

روت مني أن أمها قالت لها إن شبكة من الماس سوف تجد طريقها إلى خزانة الثياب حيث تظل قابعة في الظلام. ولكن الزوج سيكون رفيقا دائما يطالعها وجهه كل صباح. وقالت لابنتها اختاري صاحب الوجه الذي تتمنين رؤيته يوميا لا صاحب الذهب والماس.

حاولت جاهدة أن أتفرس في ملامح السيدة تحية من خلال الشاشة ولم أنجح كثيرا ربما لأن الصور الأرشيفية موغلة في القدم ولأن زوجة الرئيس عبد الناصر لم تظهر في الإعلام إلا نادرا. اكتفت طوال حياتها بدور الزوجة والأم واكتسبت رغم تواريها عن الأضواء احتراما كبيرا ومحبة أكبر عند المصريين.

هذه الأيام لا تخلو مطبوعة أو نشرة أخبار تلفزيونية من صور الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما. وهو أمر متوقع لأن الولايات المتحدة ما زالت تتربع علي عرش العالم كدولة إذا أصيبت بنزلة برد تدافع الناس في مشارق الأرض ومغاربها نحو الصيدليات لشراء الأسبرين. ولكن العجيب أن يصاحب ظهور أوباما وتصريحاته وقراراته ظهور زوجته بمناسبة وبدونها.

ما هو الدور الذي يجب أن تلعبه زوجة رئيس دولة في الحياة العامة خارج حدود حياتها الخاصة معه؟ حين عبرت روزالين كارتر عن بعض الآراء السياسية حين كان زوجها رئيسا، قوبلت تلك الآراء برفض قوي من الرأي العام واعتبر موقفها تطاولا لا يجوز. ورغم كل ما قيل عن جورج بوش الأب وجورج بوش الابن ظل الرأي العام الأميركي يحترم باربرا بوش ذات الشعر الأبيض والابتسامة الوقور التي لم تعر صناعة الموضة اهتماما كبيرا ولم تظهر في الإعلام كصاحبة نفوذ يمكن أن يؤثر على دفة الأمور في الدولة.

حتى الآن لم تدل ميشيل أوباما بتصريح أو رأي يمكن أن يؤخذ عليها، ولكن أصبحت ثيابها مثار الكثير من اللغط والتعليق وكأن زوجة الرئيس أصبحت مسؤولة عن ذوق كل امرأة أميركية في اختيار الثياب. فهذا معلق يستنكر اختيار ميشيل لتصميم من تصاميم برادا ليلة انتخب باراك رئيسا. وآخر يستنكر أن تظهر ميشيل في أول صورة رسمية التقطت لها بعد دخول البيت الأبيض وقد ارتدت ثوبا بلا أكمام. ولم يتوقف أحد عند كلام الرئيس المنتخب عن زوجته التي وصفها بأنها شريكته وصديقته وناصحته وبأنها أفضل أم وأفضل زوجة يتمناها رجل.

لو كنت مكانها لما استبدلت بكلام الزوج أرشيفا كاملا من الصور ينشر في جميع أنحاء العالم ومعه تعليقات تتغنى بذوقي في اختيار الثياب أو ابتسامتي المشرقة أو قوامي السمهري.