رجل الهيئة المزور!

TT

أحسنت المحكمة الإدارية في الدمام صنعا، وهي تصدر حكمها بتعزير وتغريم شاب سعودي 10 آلاف ريال لانتحاله وظيفة عضو في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وممارسته مهام رجل الهيئة عند مدخل أحد المجمعات التجارية الشهيرة في الدمام، مرتديا ـ بحسب صحيفة «الوطن» السعودية ـ لباس أعضاء الهيئة، ويحمل جهازا لاسلكيا، وبطاقة شركة حراسات أمنية!

وفي مواجهة حالة كهذه قد ينبت السؤال: لماذا يقدم شخص على انتحال صفة رجل الحسبة؟ فأنا لا أتصور أن الرجل فعل ذلك بدافع التدين، ونية الاحتساب، لأن ما قام به يتضمن صفات لا تتسق مع سلوك المتدين مثل الكذب، وانتحال شخصية الغير، وبالتالي فإنه لا بد من النظر إلى ما قام به في سياقات أخرى كالبحث عن سلطة، والرغبة في الهيمنة على الناس، وهو بكل تأكيد ليس أول ولا آخر المنتحلين لهذه الصفة، فثمة مخالفات مماثلة حدثت وتحدث من آخرين أنكرت الهيئة انتساب مرتكبيها إليها.

وفي تقديري أن انتحال أي إنسان لشخصية رجل الأمن أو رجل الهيئة عمل يتسم بالخطورة، ويفترض أن يواجه بقدر كبير من الحزم لأن المنتحل لمثل هذه الشخصية يمكن أن يسيء إلى الناس، ويشوه صورة الجهات التي ينتحل صفة الانتساب إليها، ويعقد علاقاتها بالناس، خاصة أننا كمجتمع لم نتعود في علاقتنا برجال الحسبة أن نسأل عن وثائقهم الوظيفية.

واستغرب أن الرجل الذي أصدرت المحكمة الإدارية حكمها عليه لم يكتشف ـ بحسب الخبر ـ إلا بعد تعدد البلاغات الصادرة من المتسوقين، وأن الرجل المنتحل صفة رجل الهيئة سبق أن ألقى القبض على مقيم مدعيا تلك الصفة، فأين رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عنه، وهم الموكلون بمراقبة الأسواق؟! وأين جهاز أمن المجمع التجاري، والرجل يقف على باب المجمع يأمر، وينهى «على عينك يا تاجر» كما يقولون؟!

ومما يؤسف له أن مثل هؤلاء الذين ينتحلون صفة رجال الهيئة شكلوا في عدد من الحالات قدرا من الإساءة لصورة رجل الهيئة الحقيقي، وبالتالي فإن من المفترض أن يستهدف رجال الحسبة هؤلاء، وأن يتعقبوهم في الأسواق وأماكن التجمعات للحفاظ على أدوارهم نقية من المندسين، ومجانين السلطة، والراغبين في بسط نفوذهم على الناس، فهل يفعلون؟

[email protected]