فرمانات الوزارة!

TT

أكاد أستشعر الحيرة التي يقع فيها أولادنا المبتعثون في الخارج، وهم يتلقون «الفرمانات» المتلاحقة من وزارة التعليم العالي واحدا تلو الآخر مثل: الوزارة تعلن لعموم المبتعثين عن إخلاء مسؤوليتها عن القبول الأكاديمي للمبتعث، وأن مسؤولية القبول الأكاديمي مسؤولية الطالب، وفي حالة انتهاء فترة دراسة اللغة، ولم يحصل الطالب على قبول أكاديمي، فإن المدة المحددة للبعثة تنتهي نظاما. وقد سبق ذلك تعميم وزاري آخر تعلن فيه الوزارة إيقاف التحويل أو الانتقال إلى بعض الدول كماليزيا وأستراليا ونيوزيلندا وبريطانيا بسبب كثرة أعداد المبتعثين، وقبله كان التعميم الاستدراكي أو التصحيحي الشهير بأن الزيادة في المكافأة لا تشمل الزوجة والأطفال، وغيرها من التعميمات.

ولو أخذنا التعميم أو «الفرمان»، الذي يشير إلى أن الوزارة تخلي مسؤوليتها عن القبول الأكاديمي، فإننا نتساءل عن دور الملحقيات التعليمية في الخارج إن هي تخلت عن واحدة من أهم مسؤولياتها، وهي مساعدة الطلاب في الحصول على القبول الأكاديمي من خلال التنسيق مع الجامعات، والمؤسسات التعليمية في الخارج، فكلنا نعرف أن الملحقيات يمكن أن تمتلك كماً كبيراً من المعلومات عن الجامعات، وشروط القبول، وإمكانات التنسيق، خاصة في الدول التي لها الكثير من الاشتراطات المختلفة في الدراسات العليا كالولايات المتحدة الأميركية، ويجب أن تفعل الملحقيات ذلك لمصلحة أبنائنا أولا، ثم لتجنب الهدر المالي ثانيا، فبعد ابتعاث الطالب، والإنفاق عليه فترة اللغة، يفترض أن نمد له يد العون لإكمال المهمة التي اغترب من أجلها، وغدا قاب قوسين منها، خاصة أن نسبة كبيرة من المبتعثين تركوا وظائفهم، وضحوا بالكثير من عوامل استقرارهم من أجل هذه الغاية، وجلهم لا يتوفر لديهم ما يتوفر لدى الملحقيات من المعلومات المتصلة بالجامعات، ومتطلبات القبول، إضافة إلى أن عبارة «إخلاء الوزارة لمسؤوليتها» عبارة تفتقد الاشتراطات النفسية اللازمة للتواصل مع المبتعثين.

عوامل كثيرة من المفترض أن تكون وزارة التعليم العالي قد أخذتها في الاعتبار، وهي تبتعث الطلاب شرقا وغربا، وفي مقدمتها مدى توفر فرص القبول الأكاديمي للمبتعث في تلك البيئات التعليمية، وحالات التكدس الطلابي في دول محددة، ونحو ذلك من العوامل، التي يمكن رؤيتها، وتقديرها مسبقا.

كم أتمنى أن نحيط أبناءنا المبتعثين بأكبر قدر من الدعم، وأن نجنبهم الضغط النفسي ما استطعنا لكي يحققوا غاياتهم، بل وغايات الوطن أيضا.

[email protected]