معهد الملك عبد الله.. والمؤتمر العالمي لصناعات تقنية النانو

TT

تخطو المملكة العربية السعودية حالياً خطوات علمية جادة وعملاقة على طريق النهضة والتقدم والرقي. ويعتبر مجال النانوتكنولوجي (التقنيات المتناهية في الصغر)Nanotechnology أحد أهم المجالات العلمية العالمية الحديثة الرائدة والواعدة التي توليها حكومة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز اهتماما بالغاً، لإدراكها لأهمية وحجم الدور الذي تلعبه في الحاضر والمستقبل، وتأثيرها في بناء الاقتصاد القائم على المعرفة، حيث تنال تقنية النانو الدعم والتشجيع المادي والمعنوي الدائم وغير المحدود من خادم الحرمين الشريفين؛ لتحقيق رؤيته الكريمة لوضع السعودية ضمن قائمة دول العالم الرائدة في أبحاث وتطبيقات النانو.

وأكبر دليل على اهتمام المملكة بهذه التقنية الرائدة، هو إنشاء المركز الوطني للتقنيات متناهية الصغر (النانو)، الذي يعد أبرز المراكز والمعامل البحثية في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالرياض، ومنطلقاً لأبحاث تقنية النانو والمجالات ذات العلاقة في المملكة، كما يعد إنشاء معهد الملك عبد الله لتقنية النانو بجامعة الملك سعود بالرياض، خطوة أخرى عملاقة رائدة لتحقيق العديد من الأهداف الواعدة، حيث تتركز رسالة المعهد في تطوير أبحاث وتقنيات النانو، والصناعات المرتكزة عليها، وتوثيق الشراكة بين الجامعة والقطاعات المختلفة ذات العلاقة، بهدف المساهمة في بناء الاقتصاد المبنيّ على المعرفة في السعودية. هذا، بالإضافة إلى العديد من مراكز تقنيات النانو الأخرى الرائدة في العديد من الجامعات السعودية، التي تم إنشاؤها بدعم سخي وكريم من خادم الحرمين الشريفين، وكذلك المؤتمرات والندوات العالمية التي عقدتها السعودية في مجال النانوتكنولوجي، التي تجسد جميعها رؤيته الكريمة الثاقبة، واستشرافه للمستقبل.

وفي الفترة من 5 إلى 7 أبريل (نيسان) المقبل، وبرعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، سينظم معهد الملك عبد الله لتقنية النانو مؤتمرا دوليا بعنوان «المؤتمر العالمي لصناعات تقنية النانو: التقنية الرائدة في القرن الواحد والعشرين»، وسوف تتركز بحوث المؤتمر حول عدة محاور مهمة، تشمل: الجسيمات النانوية، والمركبات النانوية، والنقاط الكمية، والطلاء بالنانو، والتطبيقات المختلفة للتقنية النانوية، والجوانب التعليمية والتدريبية المرتبطة بهذه التقنية، ودور تقنية النانو في بناء الاقتصاد المبنيّ على المعرفة.

وقد حققت السعودية العديد من الإنجازات العلمية الرائدة في مجال تقنية النانو، ففي مجال تطوير بحوث تنقية المياه، لتوفيرها بصورة أسهل وأكبر للجميع، أعلنت «مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية»، وشركة «آي بي إم» IBM العالمية - من خلال مركز تقنيات النانو الدولي المشترك - في أواخر شهر فبراير (شباط) الماضي عن التوصل إلى اختراع جديد لتحلية المياه باستخدام تقنية النانو، يتمثل في تطوير أغشية جديدة تعتمد على الضغط الإسموزي العكسي، بإمكانها تنقية المياه من الأملاح والمواد السامة بكفاءة وسرعة عالية، حيث تمكَّن الفريق العلمي المشترك بين المدينة والشركة من وضع مفهوم جديد للأغشية والمواد التي بإمكانها مقاومة الكلور، بالإضافة إلى قيامها بمهامها بجودة أعلى ودقة أفضل، مما يجعلها ملائمة لاستخدامها في إزالة المواد السامة، كما أنها لا تسمح بتراكم البكتيريا.

وفي تجربة استطلاعية وبحثية في موسم الحج الماضي، استخدمت أمانة العاصمة المقدسة (مكة المكرمة) ـ وبالتعاون مع مركز أبحاث الحج في جامعة أم القرى - تقنية النانو في صناعة مادة مضادة للبكتيريا والفيروسات والفطريات، لخدمة ضيوف الرحمن بالمشاعر المقدسة، حيث يمكن رش هذه المادة على سجاد المساجد في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة وخيام وإحرامات الحجاج وأماكن تجمع القمامة؛ للتعقيم ومنع نمو الميكروبات.

وخلاصة القول هي إن المؤتمرات والإنجازات في مجال النانوتكنولوجي فرصة مهمة لنشر التوعية بثقافة النانو على كافة المستويات، باستخدام كافة الأساليب والإمكانات المناسبة، التي من شأنها أن تعزز البحث والتطوير في مجال تقنية النانو، وبخاصة تحفيز القطاع الخاص للاستثمار في هذه التقنية. ونشير هنا إلى أن أحد أهم أهداف معهد الملك عبد الله لتقنية النانو، هو نشر الوعي العلمي على المستويين الاجتماعي والتربوي بعلوم وتقنيات النانو، الأمر الذي يسهم في تفعيل الترابط بين الجامعة والمجتمع في هذا الشأن. وتعد مجلة «النانو» التي يصدرها المعهد خطوة مهمة ورائدة في هذا المجال، فهي أول مجلة عربية تعنى بشر ثقافة النانو بأسلوب مبسط لجميع شرائح المجتمع. وننتظر المزيد في عالمنا العربي.

*كاتبة وباحثة مصرية

في الشؤون العلمية