نصير الصبر تجاه إيران

TT

إذا ما سألت واحدًا من مسؤولي البيت الأبيض عمن يستمع إليه الرئيس أوباما بشأن إيران، سيذكرون اسمًا غاية في التشويق.. لي هاميلتون عضو الكونغرس السابق عن ولاية إنديانا، الذي ترأس مجموعة دراسة العراق في عام 2006 التي حثت على الدخول في مفاوضات مع النظام الإيراني.

لذا، قمت بزيارة إلى هاميلتون هذا الأسبوع في وودرو ويلسون إنترناشيول سنتر، حيث يعمل كرئيس للمركز، لأستطلع آراءه بشأن الحوار الاستراتيجي مع طهران. وقد قدم لي بعض الإجابات الشيقة التي تتوافق ما سمعته من كبار المسؤولين في إدارة أوباما. وعلى الرغم من أن هاميلتون لن يناقش اجتماعَيْهِ مع الرئيس منذ توليه، وربما تكون نصيحته للرئيس في لقائهما الخاص ما قاله لي خلال التسجيل.

حذر هاميلتون من توقع إمكانية تحقيق نتائج سريعة، وطالب بعملية صبورة من المفاوضات، تكون مشابهة للدبلوماسية الطويلة مع الاتحاد السوفياتي، فيقول «يجب أن يكون المؤيدون منا للحوار على دراية بأن النجاح لن يأتي بتلك السرعة التي يتوقعونها. لذا، يجب أن نقيم حوارات مباشرة ومدعومة لمدة طويلة مقبلة».

ويؤكد مسؤولو الإدارة على الحاجة إلى انتهاج سياسة حذرة ومعتدلة مع إيران. وقد قامت الإدارة بمراجعة الاستراتيجية التي أعدتها الوكالات المختلفة. ويقول أحد مسؤولي البيت الأبيض «حتى يتم الانتهاء من ذلك.. سيكون من السابق لأوانه الحديث بشأن تلك المحادثات أو المبعوثين». (أشرت قبل فترة إلى أن مستشاري الأمن القومي السابقين برنت سكوكروفت، وزيبجيني بريزينسكي مبعوثان جيّدان، إذا ما نضجت تلك المفاوضات). ويشير هاميلتون إلى أن نقاط البدء خلال المناقشات الأميركية الإيرانية ستكون «إبداء احترامنا للشعب الإيراني، وشجب تغيير النظام كأداة للسياسة الأميركية، والسعي للبحث عن فرص لحوار موسع حول عدد كبير من الموضوعات، وكذلك الاعتراف بالهواجس الأمنية الإيرانية، وحقها في امتلاك الطاقة النووية المدنية». وقال «إن أوباما أشار إلى أنه يرغب في إقامة محادثات من هذا النوع الذي لا ينطوي على شروط مسبقة».

وعندما سألته عن الكيفية التي يمكن أن تنطلق من خلالها المحادثات، قال إن الخطوة الأولى يمكن أن تبدأ بالقنوات الخلفية «المحادثات السرية التي يقوم بها شخص مفوض من قبل الرئيس». ومن الممكن أن تعد هذه المحادثات الأجندة، وتؤكد للإيرانيين أن الولايات المتحدة ترغب في مناقشة عدد متنوع من الموضوعات، وليس فقط أفغانستان والعراق، أو الأسلحة النووية. ويقول هاميلتون «لن تبدأ بدعوة الرئيس أوباما والرئيس أحمدي نجاد، أو المرشد الأعلى آية الله على خامنئي، إنما عليك أن تعمل باتجاه أجندة، وهو ما تعنيه بداية المحادثات على مستوى منخفض». ويقول أحد المسؤولين الأوروبيين الذين يتحدثون إلى الحكومة الإيرانية بصفة مستمرة إن الحكومة الإيرانية ترغب في الحوار هي الأخرى. وأضاف إن إيران تسعى من جانبها إلى الدخول في مفاوضات موسعة، وليس عدة موضوعات منتقاة، وأوصى هذا المسؤول بعقد «اجتماع تمهيدي وسري لتحديد شكل المفاوضات والأجندات والإجراءات، وإجراءات تعزيز الثقة».

يتمتع هاميلتون بوجهة نظر خاصة، فإلى جانب 34 عامًا في الكونغرس، ودوره كرئيس مشارك في لجنة دراسة العراق، يعد الأميركي الوحيد الذي كان صاحب وساطة ناجحة مع المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، فقد كان صاحب دور بارز في قضية هالة اسفندياري من مركز «ويلسون»، فبعد إلقاء القبض عليها، بعث هاميلتون برسالة إلى المرشد الأعلى، تدور كلها في إطار ديني، حيث لقيت استجابة من خامنئي؛ وأطلق سراح اسفندياري من السجن.

يعد وليام بينز، وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، مسؤول الإدارة الأميركية عن الملف الإيراني، وعلى الرغم من حصول دنيس روس على نظرة استراتيجية أشمل بالنسبة للمنطقة، بحكم منصبه الجديد كمستشار لوزارة الخارجية، إلا أن كبار المسؤولين أكدوا على أن بيرنز سيكون المتعامل الرسمي مع إيران.

لا يبدي مسؤولو إدارة أوباما رغبة في الحديث بشأن سياسة العصا والجزرة، التي كان يفضلها الرئيس السابق جورج بوش، والتي أبدى الإيرانيون استياءهم منها، بيد أن أوباما يجب عليه أن يوازن بين العناصر الإيجابية أو السلبية.. فالإدارة ترغب في إجراء مفاوضات مع إيران، لكن استمرار رفض نظام طهران الانصياع لمطالب مجلس الأمن سيدفع أوباما إلى السعي لتشديد العقوبات عليها.

كما يعمل أوباما على محاولة إرضاء روسيا كحليف في النطاق الدبلوماسي مع إيران. وعندما زار بيرنز موسكو منذ أسبوعين؛ جاء برسالة مفادها أن روسيا إذا مارست ضغوطا لإقناع إيران بالتخلي عن الأسلحة النووية، فإنه يجب على الولايات المتحدة التخلي عن تركيب نظام الدفاع الصاروخي في أوروبا الشرقية. وقد كان الروس مخادعين في ذلك، ولم يكونوا ملتزمين بوعودهم، بحسب قول المسؤول.

يلخص هاميلتون لب المشكلة بالقول إن أوباما لديه ثلاثة خيارات للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني: إما القبول بالوضع القائم وحتمية وصول إيران إلى القنبلة النووية، أو شن ضربة عسكرية لوقفها، أو اللجوء إلى الدبلوماسية. والأخير هو الخيار الأفضل، لكنه يقول «إن التقدم باتجاه الاتفاق سيشكل صعوبة كبيرة».

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ («الشرق الأوسط»)