الموقف (الكوميدي الإنساني)

TT

الكلاب لطيفة ووفية ولعوبة، رغم أنها في بعض الأحيان بلهاء، فلا مشكلة عندي تجاه الكلاب على الإطلاق ولكن على شرط ألا تقترب مني أكثر من اللازم، كأن ترفع يديها على صدري أو تتمسح بي، أما ما عدا ذلك فأهلا وسهلا بها.

ورغم إعجابي بالأوروبيين بعطفهم على الحيوانات ومنها الكلاب خصوصاً، إلاّ أنني أشمئز وأتعجب من معايشتهم لها في داخل منازلهم، بل إن البيت قد يكون في منتهى الأناقة والنظافة، وقد يكون صاحب ذلك البيت دكتور طبيب، ومع ذلك لا يتورع عن السماح لكلبه من الانبطاح على سريره رغم أن ذلك الكلب قد عاد لتوه من خارج البيت بعد أن قضى حاجته، هذا التناقض بالمسلك هو ما يحيرني بالرجل الأوروبي.

وقبل أيام كنت أشاهد المحطة التلفزيونية «دسكفري»، وقد وضعت المؤشر على قناة (الحيوانات)، وصعقت عند رؤيتي لإحدى الفقرات التي يريدون أن يدللوا فيها على العلاقة الودية بين الكلب الذكي وصاحبه الحنون الودود.

وكان المنظر كالتالي: استلقى الرجل بظهره على الأرض وفي يده علبة من الحليب، ثم فتح فمه وسكب مقداراً من الحليب فيه وتعمد ألا يشربه، وإذا بالكلب يولغ لسانه في فمه ويلعق من الحليب، وكلما انتهى سكب الرجل مرة أخرى مقدارا من الحليب في فمه، وليبدأ الكلب مرة ثانيه باللعق، فتختلط سوائل الكلب التي تنزل من لسانه بالحليب الذي في فم الرجل.

وعندما انتهى هذا الموقف (الكوميدي الإنساني) صفق الجميع للرجل الذي وقف مبتسماً لهم بكل فخر، وقد علمت أن ذلك ما هو إلاّ أمر طبيعي يفعله بعض الرجال والنساء مع الكلاب أحياناً.

وأذكر أن أحدهم نصحني في إحدى المدن الأوروبية أن أذهب إلى مطعم معين تشرف بالطبخ فيه امرأة ممتازة، وذهبت فعلا، وعندما دخلت وإذا المطعم صغير، وما كدت أجلس على الكرسي وإذا بالمرأة تخرج من المطبخ مع كلبها الذي هو أكبر من الحمار، فصافحتني مرحبة، وما كادت تدير ظهرها إلاّ وكنت أسرع منها بالخروج من المطعم، فكيف أأكل أكلا من يديها التي يلعقها كلبها بين الحين والآخر؟!، واتجهت رأساً لأقرب صيدلية لكي أشتري مناديل مطهرة لأمسح يدي بعد مصافحتها.

وبما أننا في هذا المجال (النابح): فقد كتب أحدهم لأحد الفنادق يريد أن يحجز غرفه، ويرجوهم السماح لكلبه أن ينام معه، وجاءه الرد التالي من مدير الفندق: إنني أدير هذا الفندق منذ سنوات، ولم يصادفني كلب يسرق المناشف، أو أغطية السرير، أو صور الحائط، ولم أصادف كلباً مخموراً يثير جلبة، ولم أصادف كلباً يهرب دون دفع الحساب.. إنني أرحب بكلبك معك، على شرط أن تكون أنت تحت ضمانة كلبك.

[email protected]