واشنطن.. حذار!

TT

التصعيد الكلامي الاخير من جانب الولايات المتحدة ضد الحكومة العراقية يمكن ان يقتصر القصد منه على تذكير بغداد بالخطوط الحمراء المتفق عليها منذ عشرة اعوام والتي قوبل تجاوزها في مرات سابقة بضربات جوية وصاروخية.

ويمكن ان يكون الغرض من هذا التصعيد تهيئة الاجواء لضربة اتخذت واشنطن القرار في شأنها بالفعل.

واذا كان امر التصعيد يتعلق بمجرد التحذير، فهذا شأن بين واشنطن وبغداد اللتين تحسنان حروب الكرّ والفرّ الدعائية. اما اذا كانت الغاية هي التحضير لضربة عسكرية جديدة، فيحسن تقديم النصح الى الاميركيين بألا يفعلوها. (واشنطن اثبتت طيلة الاعوام العشرة الماضية انها لا تختلف عن بغداد في انها إما لا تستمع الى النصح والمشورة او تختار من النصائح اسوأها ومن المستشارين اردأهم).

والآن، كما في السابق، اذا ما عمدت الولايات المتحدة الى ضرب مواقع عسكرية عراقية فانها ستقدم خدمة كبرى لحكومة بغداد المستعدة لشراء هذه الضربات بالعملة الصعبة. فالضربات ستزيد من كراهية العراقيين للولايات المتحدة، لأن اولادهم (الجنود والضباط) هم الذين سيُقتلون وان املاكهم هي التي ستُدمر تحت وابل الصواريخ، بينما ستظل الحكومة العراقية (وابناؤها من كبار المسؤولين) واملاكها في منأى عن اي مصاب وضرر. ومهما حرصت الطائرات والبواخر الاميركية والبريطانية على ان تنحصر الاصابات والاضرار بالاهداف العسكرية، فان حكومة بغداد لن تتردد ـ كما في مرات سابقة عديدة ـ في ان تعطي اوامرها الى حرسها «الجمهوري» بقصف اهداف مدنية عراقية لاظهار ان القصف الاميركي ـ البريطاني انما يستهدف المدنيين، فيما لا تستطيع واشنطن ولندن ان تفندا ما ستصوره كاميرات تلفزيون الحكومة العراقية وتعيد بثه تلفزيونات العالم كلها.

مثلما فشل نظام العقوبات الاقتصادية فشلا ذريعا، بل انه تحول الى سلاح دعائي لحكومة بغداد تجاه الخارج وسلاح اقتصادي لها ضد الشعب العراقي، فان اسلوب الضربات العسكرية هو فاشل ايضا. فعلى وقع هذه الضربات يشرب اقطاب الحكومة العراقية الانخاب وامام مشاهدها التلفزيونية المؤثرة يغرقون في الضحك كما لو كانوا في مسرح فكاهي.

الحكومة العراقية هي من يريد ويسعى الى استمرار هذا الاسلوب (الضربات العسكرية) وذلك النظام (العقوبات الاقتصادية) لانهما يحققان مصلحة حيوية لها. ومصلحتها الحيوية الآن في ان تبقى في الحكم. والضربات العسكرية والعقوبات الاقتصادية تظهرها في دور الضحية، فيصفق لها ويشكو حالها الجهلة العرب، فيما تظل بعيدة عن الانظار والاذهان قضية الشعب العراقي، الضحية الحقيقية لهذه الحكومة وسياساتها اولا وللعقوبات الاقتصادية والضربات العسكرية ثانيا.

[email protected]