رهانات أوباما الكبرى

TT

عندما تتوافق الأجندة مع الحقيقة، ما هي الخطة البديلة؟.

تتوقف خطة الرئيس أوباما، التي من المفترض لها أن تضع البلاد على طريق مالي ثابت، على ثلاثة رهانات كبرى. الأول، يمكِّن الحكومة من السيطرة على تكاليف الرعاية الصحية، حتى مع توسع التغطية، والثاني، أن تؤدَّى خطة سن قانون للتعامل مع الانبعاث الغازية الملوثة من الدخل إلى جانب تسهيل ارتفاع درجة حرارة الأرض. والثالث، أن يعمل إنهاء خفض الضرائب الذي أقر في عهد الرئيس بوش كآلية ضغط لكتابة قانون ضرائب صحي، والحصول على المزيد من العائدات.

إلى هنا تبدو الأمور جيدة، لكنني لن أغامر بمصروفات الدراسة الجامعية لأولادي من أجل ذلك. هذا، إذا ما كان هناك أي مال تبقَّى في وديعتهم الجامعية. هناك الكثير من المعارضين للخطة، وهناك أيضًا أكثر منهم من المؤيدين، كما هو الحال بين النظرية. حقيقة الأمر، أن تمرير أحد هذه التغييرات الكبيرة عبر الكونغرس سيمثل إنجازًا كبيرًا، أما تنفيذ الرهانات الثلاثة الكبرى ـ على الصورة التي يراها أوباما ـ فسيكون أشبه بمعجزة تتحقق في واشنطن.

وتعد الرعاية الصحية، وزعم الإدارة برغبتها في تغطية عدد أكبر من الأفراد، وخفض النفقات، الرهان الأكثر أهمية بين هذه الثلاثة. فقد أشارت الإدارة إلى أن أكبر التحديات المالية طويلة الأمد التي تواجهها، يتمثل في ضبط الإنفاق على نمو الرعاية الصحية الفيدرالية، خاصة الرعاية الطبية، وأن من المتعذر النهوض بذلك، دون التعامل مع نظام الرعاية الصحية الأشمل.

غير أنه مع وجود الحكومة الفيدرالية، اللاعب الرئيسي في الرعاية الصحية، يمكن للحكومة أن تستغل نفوذها في حث المساهمين على تبنِّي إجراءات توفير النفقات في القطاع الخاص أيضًا.

في هذه الأثناء يمكن للحكومة أن تغطي الكثير من المواطنين غير المؤَمَّن عليهم بصورة جزئية، لأن انخفاض النفقات يجعل من التأمين أكثر إمكانية، في الوقت الذي ترى فيه أن الأفراد غير المؤَمَّن عليهم يتكلفون مبالغ أكثر، في نهاية الأمر، عند ترددهم على غرف الطوارئ، وفي الحالات الحرجة التي لا يتم التعامل معها. يتطلب حل تلك المعضلة ثلاثة أشياء رئيسية، أولاهما تلك الأمور التي تم تدشينها، والتي تم التعهد بالمسؤولية المادية عنها في خطة التحفيز، حيث ستتكلف حوسبة السجلات الطبية المزيد من المال، لكنها ستعمل على تخفيض النفقات الإدارية على المدى البعيد. غير أن الأهمية الكبرى، تتمثل في تقديم المعلومات الضرورية للأمر الثاني، وهو تقييم الفعالية المقارنة ـ التي تشمل فعالية التكلفة ـ للعلاجات المختلفة.

أما الجزء الثالث، فهو الجزء الأكثر تطلبًا للحذر والرعاية الفائقة، وهو ما يتمثل في استخدام المعلومات لتحسين الرعاية وخفض التكاليف. وخلاصة القول هي أن الجميع لن يتمكنوا من الحصول على جميع أنواع الرعاية الطبية، أو الاختبار، أو الإجراءات. ولذا، سيجب على فرد ما أو هيئة معينة أن تقوم ببعض الخيارات الصعبة، التي قد تعني خسارة شركة أدوية طبية، أو شركة مصنعة لأجهزة طبية، أو المستشفيات، أو الأطباء، وتلك هي المنطقة التي تزداد حولها شكوكي، فتلك الطريقة تتطلب الكثير من الانضباط، وهو الأمر الذي لم تعلنه واشنطن تحديدًا. كما أن قطف ثمار تلك السياسة، أو حتى جمع المعلومات سيتطلب أعوامًا، وقد تنخفض المدخرات المتوقعة إلى الدرجة المتوقعة، وتتحول التغطية الموسعة إلى عملية مكلفة أكثر من المتوقع. لذا، دَعُوْنا نحاول بكل الطرق أن نجربها، لإحداث تغييرات كبيرة في الرعاية الصحية ذاتها، وليس للممولين أو شركات التأمين، فبعض الجمعيات الخيرية ستضطر إلى دفع المزيد من الأموال، أو تَلَقِّي أموالا أقل.

ويرفع قانون الحد من التلوث عددا من عوامل القلق حول الهوة بين أفضل الخطط التي وضعها أفضل «العقول»، على حد وصف أوباما لفريقه الاقتصادي، والحقيقة السياسية. ويعد تسعير الكربون فكرة جيدة، وربما تكون ضرورة، لكن الخدعة فيه هي في التصميم، فقد اقترح أوباما إنهاء كل التراخيص، بدلاً من تخصيص بعضها للصناعات الملوثة التي تواجه تكاليف مرتفعة لإعادة ضبطها بيئيا. وتعد تلك الوسيلة جيدة، لكن تلك الخطة ستواجَه بالمزيد من الضغوط السياسية لتوزيع تلك الحصص. وإذا ما حدث ذلك؛ فلن يكون القانون بقرة النقد بالنسبة لأحلام واضعي الميزانية. ولأنه لا يوجد شيء يرتكز في أذهان النواب في الكونغرس، سوى إنهاء خفض الضرائب، فإنني الأكثر تفاؤلا حول مؤشرات الإدارة، لانتهاز الفرصة الحالية لدراسة قانون الضرائب وإدخال عائدات أكبر إلى خزينة الدولة. وقد أظهرت واشنطن قدرة في ذلك، فكل 20 عامًا، أو ما شابه ذلك، من التعلق بأهداب نظام ضرائب غير عملي يجعل من عام 2010 متأخرًا بأربع سنوات. وعلى الرغم من استهداف الجمهوريين لكل ما من شأنه أن يحدّ من زيادة الضرائب، إلا أن الظروف الحالية تتطلب جذب عدد كاف من الجمهوريين للوصول إلى قانون عقلاني للضرائب، مقارب لما اختارته الحكومة.

وسوف أشجع خبراء وقادة فريق أوباما الاقتصادي عندما يجتمعون مع القوى السياسية، لكن لأنني أعلم مَنْ يميلون إلى الفوز بتلك السباقات، فأرجو من كبار مستشاري أوباما أن تكون لديهم خطة بديلة.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ («الشرق الأوسط»)