الرياض قمة المصالح والمصالحة

TT

صورة غابت مطولا، تلك التي نرى فيها الملك السعودي والرئيسين المصري والسوري وأمير الكويت في لقطة واحدة، لكننا رأيناها في العاصمة الرياض. واليوم نحن أمام كثير من التحليلات، حيث كل يغني على ليلاه.

تحليل من لبنان، وآخر من الفلسطينيين، وثالث من الدوحة، ومراقبة من الغرب، لكن الأهم من كل ذلك هو ما يأتي من طهران. لكن قبل كل ذلك لا بد من القول بأن قمة الرياض كانت قمة المصالح، وهذا أمر يبعث على التفاؤل، لأن السياسة أساسا هي لغة المصالح لا الشعارات.

السعوديون مقتنعون بأن التدخلات الخارجية كرست التشرذم العربي، وهو أمر يهدد أمن منطقتنا، كيف لا وقد شهدت منطقتنا ثلاثة حروب في خمسة أعوام، وإعدام رئيس عربي، وانقلابا في بيروت، وآخر في غزة، وتهمة إيقاف رئيس عربي، ولدينا استحقاق محكمة دولية؟

المصري يرى أيضا أن تلك المزايدات، والتدخلات الإقليمية باتت تتحرك تحت غطاء حساس، بمثابة كلمة حق يراد بها باطل، وأبرز مثال القضية الفلسطينية، ففي الوقت الذي كانت تقوم فيه القاهرة بدورها تجاه الفلسطينيين، كان هناك من يسعى لتسديد ضربة في الظهر لمصر.

حسنا ماذا عن سورية؟ دمشق تريد أن تنتهي جل ملفاتها الصعبة بضربة معلم، وبالطبع ليس المقصود هنا الوزير وليد المعلم. السوريون يرون أن المفتاح هو في الجولان، وعلاقات طبيعية مع العرب، وانفتاح على الغرب،

حيث أمضت دمشق ثماني سنوات من القطيعة مع الغرب، وتحديدا أميركا، وكانت سنوات قاسية، فالانفراجة التي حققتها دمشق مع فرنسا لم تقدم أو تؤخر كثيرا في ما تريده سورية، عربيا ودوليا، ولدى السوريين مصالح كثيرة، يريدون ضمان سلامتها.

كل ما سبق هيأ الأسباب والقناعات لضرورة قمة الرياض الرباعية، ولذلك كان اجتماع المصالحة هو اجتماع مصالح بحت، وهذه هي قيمته، وأهميته الكبرى، وهذا ما يجعلنا نراقب قادم الأيام بحذر أيضا.

فمن الخطأ أن نتوقع تغييرا إيجابيا سريعا دراماتيكيا، كما أنه من الخطأ أيضا توقع أن لا تغيير قادما، وهذه هي المعادلة الصعبة في الموضوع، وذلك ما يفسر أيضا التشنج الذي نلحظه في ردود فعل من هم محسوبون على إيران تجاه قمة الرياض، حيث بدأ الهجوم على السعودية من المحسوبين على إيران، كما بدأنا نلحظ تخبطا إيرانيا في المواقف السياسية، وذلك نتيجة عزلة تشعرها إيران من قطع العلاقات المغربية معها، والهجمة العربية المرتدة على أطماع طهران، مضافا لها قمة الرياض.

أبرز مثال على ذلك التخبط قول الرئيس الإيراني، ردا على المبادرة التركية للتوسط بين طهران وأميركا، إن بلاده ليست بحاجة إلى وساطة، والأمر الآخر المهم هو الحديث عن ضرورة الحوار العربي الإيراني.

ولذا فقد ثبت اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، أن مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز للمصالحة العربية كانت مبادرة مهمة، ومطلوبة، توجت بقمة الرياض الرباعية، وها نحن نرى كثيرا من نتائجها على الأرض.

[email protected]