مشروبنا ومشاريبهم

TT

لعن الله أم الخبائث ـ وأقصد بها جميع أصناف المسكرات ـ ما ظهر منها وما بطن.

وأكثر سكان العالم في تعاطيها هم سكان جزيرة (غرين لاند) خزاهم الله.. فهم رغم أجواء جزيرتهم الثلجية السيئة، لم يطلبوا من ربهم الغفران، ويتقوقعوا تحت أرديتهم الثقيلة طلباً للدفء.

ولكنهم بدلا من ذلك راحوا (يحطون حرتهم) بتلك المسكرات الشنيعة المريعة الفظيعة.

وقال أحدهم مفتخراً: إنني شربت من (البيرة) ـ أي الجعة وهي ضرب من شراب الشعير ـ، قال: إنني شربت منها أكثر مما شربته في حياتي من الماء أضعافاً مضاعفة. وإنه لو صُفّت علب البيرة الفارغة التي استهلكناها في جزيرتنا خلال سنة، وعددنا يقارب المائة ألف إنسان، أنه لو صُفّت هذه العلب في جزيرتنا البالغ طولها (2500 كيلومتر) تقريباً، لطوقتها تلك العلب خمس مرات.

عندما قرأت ذلك قلت متهكماً: أنعم وأكرم، (تشيرز).

الحمد لله أننا في جزيرتنا العربية، لو صففنا فناجيل القهوة المبهّرة بالهيل التي شربناها خلال سنة واحدة فقط لطوقت الجزيرة من أقصاها إلى أقصاها عشر مرات كاملة، (ومافيش حد أحسن من حد) من حيث العدد والكمية والتعاطي.

ولكننا أحسن منهم في النوعية والطعم، فنحن على الأقل نشرب (ما يقعد الرأس) ـ أي ما يجعل عقولنا تصحو ـ أما هم فيشربون ما (يطوطح بالرأس) ـ أي ما يُذهب العقل.

وهذا هو أحد الشعراء الشعبيين يؤكد فرحته واحتفاءه بمشروبنا المبجل عندما يقول:

يا ما حلا الفجال مع ساحة البال

في مجلس ما فيه نفس ثقيله

هذا ولد عم وهذا ولد خال

وهذا صديق ما ندور بديله

أما مجالسهم هم فهي (البارات) المظلمة العابقة بالدخان، المرتجة بالموسيقى الصاخبة، المكتظة بمن هب ودب من الرجال والنساء، والجميع لا همّ لهم غير قرع الكؤوس، ولسان حالهم كأنه يقول: اليوم خمر وغد أمر.

أما لسان حالنا فهو يؤكد ولله الحمد: إن يومنا أمر، وغدنا كذلك أمر.

[email protected]