فريمان.. وتجريح اللوبي الصهيوني

TT

لم يخجل الدبلوماسي السابق تشارلز فريمان في الإشارة بصريح العبارة إلى اللوبي الصهيوني على أنه وراء الهجوم المنظم ضده لمنع تعيينه بعد أن عرف أنه مرشح لرئاسة مجلس الاستخبارات الأميركية. والآن إطلاق النار لم يتوقف بين الجماعات الموالية لإسرائيل والسفير السابق على صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية والمحطات الإخبارية. هم يتهمون اللوبي السعودي الصيني أنه وراء دعمه ليكون رئيسا لتجمع الاستخبارات، وفريمان يتهم اللوبي الصهيوني بأنه وراء إفشال ترشيحه بترويج مزاعم عن علاقات خاصة مع السعودية والصين بما تعنيه الكلمة من أبعاد.

والجيد أن فريمان لم يجعل الخلاف حول نفسه، أي إفشال إيصاله للمنصب المهم، بل نقل المعركة ضد اللوبي الصهيوني برمته، ومواقفه ضد المصالح الأميركية، وابتزازه للساسة الأميركيين، واعتبار كل من يعبر عن رأيه ضد إسرائيل يصنف بأنه معاد لإسرائيل، وان هذا بدوره يعتبر أعظم كفرا من مخالفة أو معاداة الولايات المتحدة نفسها.

ليس جديدا أن ينجح الفريق الموالي لإسرائيل في منع من يعتبره يختلف مع إسرائيل من الوصول إلى منصب سياسي مهم، من الوزارات إلى السفارات، إنما المثير أن المرشح المتهم، فريمان، لم يوفر الفرصة للرد بنفس اللغة والقوة، ليكيل الاتهام إلى المحسوبين على إسرائيل. وهنا أعتقد أن الكثيرين سيتفقون معه بأن اللوبي الصهيوني لا يفرق بين من يخالف موقفا إسرائيليا أو يعاديها، الكل خصوم لإسرائيل. وبالتالي على كل طموح للنجاح في العاصمة الأميركية أن يعض على لسانه إن أراد ألا يتهم مستقبلا بأنه عدو لإسرائيل، فلا يعارض المساعدات المقترحة، ولا يكتب مقالا ولو كان في صحيفة ريفية تنتقد عملا إسرائيليا، ولا أن يعبر على شاشة تلفزيون أو في جامعة ضد رأي مؤيد لإسرائيل. إن حالة واحدة كافية لاتهامه بأنه معاد للسامية، وعميل للعرب أو الصينيين، أو اليابانيين سابقا. بالنسبة لفريمان فقد اتهم بكل هذه التهم مجتمعة، مع أن الرجل معروف بأنه ليس معاديا لإسرائيل البتة، ولم يكن محابيا للسعوديين في أي يوم مضى.

هذه هي السياسة في الولايات المتحدة، حيث تجيز قيام مؤسسات الضغط، وتسمح بالتبرعات لمؤسسات الدعم الانتخابية المتخصصة في دعم أطراف معينة، وتعطي الحرية لهذه الجماعات لخدمة مصالح عملائها. وهي نشاطات قانونية تستخدم فيها الحملات الإعلامية بمبالغاتها وأكاذيبها وتجريحها وتشويهها. واللوبي الصهيوني لم يرتكب مخالفة بما فعل، بل مارس ما يعتبره حقه الطبيعي في خدمة المصالح الإسرائيلية، أما المخطئ هنا فهو اللوبي الغائب، مثل العربي الذي عجز منذ ثلاثين عاما عن خدمة مصالحه. لا يوجد ما يمنع قيامه ونشاطه، لكن مشكلة اللوبي العربي أن العرب أنفسهم مجاميع متقاتلة ولا يمكن أن يكون لهم فريق سياسي أميركي يعبر عنهم ويخدم مصالحه التي تتفق مع مصالحهم.

[email protected]