بقي الانفتاح على تنظيم القاعدة

TT

بعد الحديث المتزايد في أميركا عن ضرورة الانفتاح على «المعتدلين» في طالبان، والطرح الذي يقول إنه لا بد من التعايش مع الإسلاميين الراديكاليين، وإعلان بريطانيا انفتاحها على حزب الله «السياسي» بتنا في انتظار الانفتاح على تنظيم القاعدة.

هذه ليست سخرية، ولكن يبدو أن الغرب يفهم «الانفتاح» بطريقة مختلفة، فبعد أن أشعلوا منطقتنا بالمعارك ردا على التطرف الإرهابي الذي قادته «القاعدة» في أحداث 11 سبتمبر، قرر الغرب اليوم التعامل مع التطرف والمتطرفين برعونة.

فبعد أن ارتكب جورج بوش خطأ معالجة كل قضية بالمواجهة والسلاح، يريد الغرب اليوم معالجة كل مشاكله مع التطرف والمتطرفين بالتساهل ودعوة الانفتاح، متناسين أن التساهل الزائد خطأ فادح لا يقل عن خطورة التشدد.

لكن لا بد من القول هنا إن التجربة الأميركية الناجحة مع مجالس العشائر أو الصحوات في العراق يبدو أنها هي التي عمقت مفهوم الانفتاح على الأعداء، ولكن بطريقة خاطئة، فالعشائر لم تكن تحمل السلاح إيمانا بآيديولوجيا محددة، أو عمالة لدولة خارجية. العشائر حملت السلاح في العراق لأنها اعتقدت أن مكتسبات لها قد زالت مع زوال النظام البائد، وعليه تحالفت مع «الشيطان» أي القاعدة من أجل مصالحها، ولما اقتنعت بأن نهج القاعدة غير مثمر ويهدد مصالحها ونفوذها واستقرارها جربت طريقا آخر.

ومن هنا يتضح الفارق الكبير بين العشائر في العراق، أو طالبان في أفغانستان، أو حزب الله في لبنان، فحسن نصر الله ما هو إلا منفذ لتعليمات الولي الفقيه، صحيح أنه قد يتميز ويظهر مقدرة على القيادة ولكن وفق تعليمات سيده، لا خارج فضائها!

ومن هنا يكون السؤال عن الفارق بين حزب الله العسكري والسياسي أمرا مبررا، وهذا ما سبق أن أشير له من قبل، وليس بوسع الخارجية البريطانية الإجابة عنه، لأن لا إجابة على ذلك، فحزب الله قناة المنار هو حزب الله القيادة العسكرية والسياسية، وهو الذي يعلق الصور في الطرقات. وبالتالي فإن انفتاح واشنطن على دمشق ليس بمدعاة للانفتاح على حزب الله، فالفارق كبير جدا، سورية دولة، ونظام حاكم، أما حزب الله فهو حزب تابع لإيران وزعيمه يعترف بأنه فرد في حزب الولي الفقيه، ويفرض سطوته في لبنان بالسلاح.

فالدول لا تنفتح على أحزاب داخلية بل على دول، أما الأحزاب فهي شأن محلي، إلا إذا كانت بريطانيا تعترف بأن حزب الله هو الدولة اللبنانية، فحينها يكون السؤال كيف تعترف لندن بحزب يختطف دولة بقوة السلاح؟

وإذا كان العذر أن لحزب الله وزراء في الحكومة اللبنانية، فلماذا قاطع الغرب حكومة حماس إذاً؟ خطورة ما تفعله بريطانيا اليوم أنها ترسل رسالة خاطئة في الوقت الخطأ، للحزب الخطأ، وهذا ما فعلته إدارة بوش يوم قررت الانفتاح على الإخوان المسلمين!

الحوار أمر مطلوب، يفيد ولا يضر، لكن عندما يكون بين دولة ودولة، وحوارا مع من لا يقر استخدام السلاح داخل بلاده، أما الانفتاح من أجل الانفتاح فإنه أمر يزيد المسائل تعقيدا، ويرسل رسالة خاطئة.

[email protected]