خذوا الحكمة من فم (الناقة)

TT

أكثر ما يستفزني هو أن يخوض زوجان بخلافاتهما علناً أمام الناس.

ولا بأس أن أنقل لكم ما سمعته من اثنين، وأعتقد أنه لا حرج في نقلي هذا طالما أن هذين الزوجين لم (يستحيا)، وتلاسنا نهاراً جهاراً دون مراعاة لمشاعر الآخرين.

بدأت الملاسنة عندما حاول الزوج أن يسكت زوجته عندما استرسلت بالكلام السمج.

وإذا بها ترفع صوتها موجهة كلامها للآخرين، وكأنها (حكيمة زمانها) وقالت: إن المرأة هي كالكلبة تماماً، تؤثر فيها النظرة، واللمسة، والكلمة، أكثر مما يؤثر فيها الطعام.

فرد عليها زوجها لأنه أدرك أنها تعنيه بذلك الهجاء، فقال وهو ينفخ (سيجاره) ويضحك مستهزئاً: وأنظر لك (على إيه) يا حسرة؟! فليس هناك شيء لا أعرفه عنك، فأنا أحفظك (صم) وعن ظهر قلب.

عندما سمعت كلامه أمعنت ملياً النظر لها لأول مرة، وعندما تأملتها جيداً لم يخطر على بالي لأول وهلة غير (الناقة)، إنها فعلا تشبه الناقة ـ الخالق الناطق يا سبحان الله ـ (الخشة) هي الخشة، والبراطم هي البراطم، والعصاقيل هي العصاقيل، صحيح أنه ليس لها سنام، ولكن لها حدبة، ولها خفّان، ولها رقبة ملتوية ويطوقها بدلا من اللجام عقد من الماس.

ترحمت على ذلك الزوج السمين، خصوصاً عندما سمعت زوجته ترد عليه وكانت عيناها تقدحان شرراً وهي تقول له: انظر إلى شكلك بالمرآة، انظر لعينك الباردة كعين السمكة الميتة.

ران سكون مطبق على المجلس، فعرفت بحاستي السادسة التي لا تخيب أبداً، أن ذلك السكون إنما هو الذي يسبق العاصفة، ولكي أهدئ الأمور وأستبق المشاكل ـ خصوصاً وقد رأيت على الطاولة التي أمام الزوجة مجموعة من التحف الثقيلة الجاهزة للاستعمال الهجومي ـ فسارعت لفض الاشتباك بينهما قائلا بكذب ونفاق واضحين: ما شاء الله عليكما.. إنني لا أشبهكما بغير عصفورين من عصافير الجنة، إنكما لائقان بعضكما لبعض، وأعتقد أن 15 سنة من الزواج بينكما إنما تدل دلالة حقيقية على المحبة والنجاح.

وإذا بها تترك زوجها ويا ليتها لم تتركه، ويا ليتني لم أتكلم، إذ إنها التفتت لي واستدارت بكامل جسدها وفتحت (جاعورتها) بوجهي قائلة: محبة إيه ونجاح إيه وزفت إيه اللي أنت تتكلم عنها (يا حضرة)؟!، أنت ولا أنت فاهم حاجة، إننا نحن النساء نفضل أن يغضبنا الرجل على أن يتجاهلنا، وهذا (الشطح) الذي أمامك ـ تقصد زوجها ـ كان طول عمره (كالكبة النية) ولم يغضبني يوماً، المرأة (يا حضرة) ـ تقصدني ـ تفضل أن يستعبدها رجل قبيح المنظر لكنه مرح، على أن تعيش في كنف رجل وسيم وثقيل الدم. قالت ذلك وهي تشير بيدها المعروقة إلى زوجها.

نظرت إليها، ونظرت إلى زوجها، وبحثت على الوسامة وخفة الظل والعقل في كليهما، فتحسرت على نفسي، غير أنني صدمت عندما قالت لي: وأنت إيش حشرك بيني وبين زوجي، ثم مين طلب منك الكلام أصلا (يا ملقوف)؟!

فتركتني والتفتت للجميع قائلة: صحيح ليس هناك أبيخ من الرجل الملقوف، أعوذ بالله ـ قالتها (بالزاي) وليس (بالذال).

وأيدها الجميع على ما قالته بحقي بمن فيهم زوجها.

[email protected]