انصروا إيران ولو ظالمة

TT

المغرب يغذي الطائفية العقدية ويناصر العنصرية المذهبية ويخدم المخططات الصهيونية ويقوض الوحدة الإسلامية. هكذا روجت الدعاية الإيرانية المنظمة فقط لأن المغرب انتفض دبلوماسيا أمام الجبروت الإيراني وأطماعه التوسعية الجغرافية والمذهبية وآخرها الموقف الإيراني تجاه البحرين، لقد ألقى المغرب بآخر وأقوى أوراقه الدبلوماسية على الطاولة الإيرانية معترضا بقوة على النشاط الدبلوماسي الإيراني التبشيري في المغرب وهو بلد كل شعبه سنة، بل كلهم ينتمون إلى المذهب الفقهي المالكي 100%، والمغرب دولة واحدة من ضمن عشرات الدول السنية التي يستهدفها النفوذ الإيراني بشقيه السياسي والمذهبي منذ قيام الثورة الإيرانية بقيادة الخميني، وهي بهذا تنتهج الأسلوب الاستعماري الغربي في القرون الماضية الذي استخدم التبشير بالنصرانية خطوة تسبق الاستعمار السياسي والاقتصادي.

ولقد استطاعت إيران بنشاطها التبشيري القوي والمنظم مستفيدة من خمس الزكاة، أن تجعل لها موطئ قدم في عدد كبير من الدول الإسلامية السنية في أفريقيا وجنوب شرق آسيا والتي لا تعرف شعوبها عن المذهب الشيعي إلا كما تعرف عن الكنفوشية أو الزرادشتية، وبثت في هذه الدول من يقنع شبابها المتميز لمواصلة دراستهم الدينية والأكاديمية في جامعات إيران وحوزاتها لكي يهيئوا الساحة إذا رجعوا لدولهم لنفوذها وتدخلاتها. همس في أذني مثقف ليبرالي عربي عروبي، وقال إن عزف ساسة المنطقة وبعض المثقفين على وتر التحذير من السياسة الإيرانية واستراتيجيتها التبشيرية لا يخدم في النهاية إلا المخططات الإسرائيلية ومن يقف وراءها والتي تهدف دوما إلى إضعاف الأمة العربية وإشغالها فيما بينها في صراعات عقيمة تفشلها وتذهب ريحها، قلت له كلامك صحيح لو أن دولا سنية كبرى مثل السعودية ومصر هي التي تتدخل في الشؤون الإيرانية وتنشر أيدلوجيتها العقدية في الأقاليم الإيرانية وتشعل الفتن الطائفية فيها.

إن قصارى ما يريده ساسة المنطقة وبعض المثقفين حين يتحدثون مضطرين عن هذا الموضوع الشائك أنهم يحذرون من انتشار الطائفية بتحذير إيران من التوسع المذهبي في دول سنية بالكامل، فتبشير إيران بالتشيع في هذه الدول من شأنه أن يخلخل نسيج الوحدة المذهبية الذي تتميز به هذه الشعوب مثل مصر ودول المغرب العربي ويعرض مجتمعاتها للفتن الطائفية التي تعاني من آثارها المدمرة دول إسلامية أخرى مثل العراق وباكستان ولبنان وغيرها، فإذا كانت إيران حقا لا ترى فروقا بين مذهبها وبين المذهب السني، فلماذا إذن هذه التدخلات والنشاط التبشيري الذي يمارسه حتى دبلوماسيو السفارات الإيرانية في الدول السنية؟!

لم أجد في دول العالم الإسلامي من يكثر من التحذير من فتنة الطائفية والمذهبية وهو ساقط فيها مثل إيران، إنها تتغنى بالوحدة الإسلامية في بياناتها وتصريحات ساستها ومقررات مؤتمراتها وآخرها المؤتمر الأخير الذي عقدته في طهران لمناصرة غزة الفلسطينية، لكنها مع الأسف تحمل في يدها الأخرى معول يهدم هذه الوحدة وينخر في أساساتها، فلم تترك إيران بلدا عربيا أو إسلاميا إلا وتدخلت فيه بطريقة أو بأخرى، واحتلت جزرا إماراتية، وسمحت للصف الثاني من ساستها إشهار دعوى تبعية البحرين لإيران، هذا بالإضافة إلى نشاطها التبشيري الذي لم يهدأ منذ قيام الثورة الإيرانية، كل هذا يصب قولا وعملا في هدم أسس الوحدة الإسلامية وتسعير الطائفية، لكن إيران وبذكاء يدعمه لسان طويل استطاعت أن تقنع البعض بأن من يحذر صادقا من عواقب سياساتها الطائفية هو الواقع في الطائفية.

سنناصر إيران ظالمة أو مظلومة، أما مظلومة فلأننا لا نرضى عن أذى أو ظلم يحل عليها يخططه الأعداء أيا كانت مبرراتهم، ثم إن استقرارها استقرار للمنطقة كلها، وأما مناصرة إيران ظالمة فبكفها عن ظلمها، كما في الحديث النبوي الشهير، ولهذا لن نكل ولن نمل من التحذير من العواقب السيئة لمخططات إيران التوسعية والتبشيرية على الوحدة الإسلامية، فإذا هي ارعوت وانكفأت على نفسها واشتغلت بتنمية شعبها وازدهاره، فهي المستفيد الأول وكل دول المنطقة.

[email protected]