انتقام من مقلب قديم!

TT

كنت قد طلبت من المرحوم الصديق الطيب صالح أن يدبر لي شقة في لندن. واتصل بي وأعطاني العنوان في ميدان تالبوت بلندن.. ووصلت إلى لندن وكانت الأمطار غزيرة والظلام أسود، ولم أستطع أن أقرأ أرقام البيوت. وسائق التاكسي وقف أمام أحد البيوت، والمطلوب مني أن أكمل أنا البحث عن العنوان. والنوافذ مغلقة، والأضواء خافتة، والأبواب صفيقة. ولا شيء يدل على أنه من الممكن أن تجد أحدا، فتسأله إن وجدته. فالساعة متأخرة والليل الإنجليزي يبدأ مبكرا.

ورحت أرتاد الميدان من هنا إلى هناك ولا أرى أرقاما. ولا أعرف هل أعود إلى التاكسي وأبحث عن أي فندق. ثم إن رقم تليفون الطيب صالح ليس معي. وفجأة وجدت شيئا غريبا. فصرخت: هذا مصري!

فقد وجدت عددا من الحلل قد وضعت خارج النافذة. وقلت: لابد إنه مصري. وقد وضع الطعام أو بقاياه في الحلل في البرد. فليس عنده ثلاجة. وناديت. وانفتح الشباك: مين؟ قلت:أنا.

قال: أهلا وسهلا..

أما الذي وضعه في الحلل فهو كميات كبيرة من لحم الكبدة. فالمصريون يحبون الكبدة، والأوروبيون لا يأكلونها لأنها (فلتر) كل السموم في الجسم. وعرفت منه أن الطيب صالح قد أبلغه بأنني سوف أجيء.. ولما سألته: ولماذا لم يقل لي أنك هنا.. فقد تعبت من اللف والدوران حتى وصلت إلى هذا المكان. فضحك وقال: أنا سألته فقال لي.. يا أخي لازم نغلبه ونطلع عينيه.. لأنه من عشر سنوات فعل بي نفس الشيء في القاهرة فقد أعطاني عنوان شقة مسكونة بأناس كادوا يفتكون بي عندما وجدوني أضع المفتاح في باب الشقة!