عامل نظافة بشهادة جامعية!

TT

حينما يضطر طالب جامعي مواطن للتقدم بطلب الحصول على وظيفة عامل نظافة في إحدى المدارس رغم وجود الملايين من العمالة الوافدة في أعمال مكتبية بسيطة يمكن أن يقوم بها جل خريجي المرحلة الثانوية، فإن الأمر يدعو إلى الإحباط، ولا أعتقد أن أحدا يستطيع أن يقنع ذلك الشاب الجامعي، الذي تقدم لوظيفة عامل نظافة ـ شعرا أو نثرا ـ بأن ثمة جهودا حقيقية جادة تبذل لتوظيف الشباب، أو توطين الوظائف.

وحينما يدهشني لجوء الشاب الجامعي إلى البحث عن وظيفة عامل نظافة في إحدى المدارس، فأنا لا أقلل بحال من الأحوال من قيمة هذه المهنة الشريفة، ولا من شأن العاملين فيها، ولكنني أتساءل أي حافز يمكن أن نضعه بين أيدي طلاب تلك المدرسة للتعلم إن كان من بين الاحتمالات في نهاية المطاف الجامعي أن لا يجد بعضهم غير وظيفة عامل نظافة؟! وهذا لا ينفي النظر بعين التقدير للعمالة النظامية الوافدة، فهؤلاء الشرفاء لم يقتحموا حياتنا إكراها، بل جاؤوا بناء على طلب مؤسساتنا، وشركاتنا، وبموافقة وزارة العمل لدينا، فإن كان وجود بعضهم على حساب شبابنا الباحث عن عمل فإن الذنب ليس ذنبهم، ولا يندرج ضمن مسؤولياتهم، ولا نتوقع من أحد تغرب لكسب الرزق الحلال أن يترك وظيفته تطوعا لإتاحة الفرصة لإحلالها من قبل مواطن.

إن الخبر الذي نشرته صحيفة «عكاظ» السعودية عدد الاثنين الماضي بعنوان «170 مواطنا يتسابقون على 9 وظائف عامل نظافة»، ويتضمن معلومة أن أكثر المتقدمين يحملون شهادة الثانوية العامة، وأن أحدهم حاصل على مؤهل جامعي، ربما يحث بعض المسؤولين في القطاع الخاص على التفكير في مسؤوليتهم الاجتماعية تجاه شرائح الشباب من المواطنين، فهذا الشاب الجامعي، الشريف، العفيف، النبيل آثر أن يقبل بوظيفة عامل نظافة، بدلا من أن يترك البطالة تلعب به يمنة ويسرى في خواء الوقت، وتربص الشيطان، وليس الجميع بطبيعة الحال على نفس درجة ذلك الشاب قوة، وقناعة، والتزاما.

كم تمنيت لو أن أحد رجال الأعمال بادر أثناء قراءة هذا الخبر الصحافي بتوظيف ذلك الشاب الجامعي في وظيفة تقترب من استحقاق مؤهله، فأنا على ثقة بأن هذا الشاب، الذي لم يمانع في تقبل وظيفة عامل نظافة يمتلك دافعا ملحا، وحقيقيا للعمل، قد لا يتوفر لدى الكثيرين، فمن يبادر؟

[email protected]