دولة حزب الله

TT

كلام مهم ذاك الذي صدر عن رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، حيث حدد فيه ملامح الدولة اللبنانية وفقا لرؤية المعارضة، وتحديدا حزب الله، في حال الفوز بالانتخابات البرلمانية المقبلة. كما أنه كشف صراحة عن رأي حزب الله بالمفاوضات السورية مع إسرائيل من أجل استعادة الجولان المحتل. وأهمية تصريحات رعد أنها تأتي في الوقت الذي يقول فيه البريطانيون إن هناك حزب الله عسكريا، وآخر سياسيا!

يقول رعد إن دولة المعارضة هي دولة «المقاومة»، مضيفا «بين مشروع الاستسلام الذي يطرح تحت عنوان السلام، ومشروع المقاومة التي تحفظ الكرامة، نحن مع مشروع المقاومة»، متحدثا أيضا عن أن ذلك يتطلب جهوزية تحتاج إلى قرار سياسي داخلي لحماية المقاومة. كما يطالب رعد بحكومة تؤيد تلك المقاومة و«تتفهم ضرورة لبنان وحاجته إلى هذا الخيار»، وأن حزب الله، أو المعارضة، يحتاجون إلى «حكومة شجاعة تدرك أن الخطر الأساسي على لبنان هو الخطر الصهيوني».

هذا لبنانيا، أما في خيار السلام فيقول رعد إن حزب الله يرفض حكومة «تنساق وراء المنهزمين في المنطقة العربية الذين يسعون إلى الصلح مع إسرائيل»، والسؤال الطبيعي هنا من هم المنهزمون؟

كلام رعد يعني أن مواصفات الدولة اللبنانية التي يرغبها حزب الله هي دولة عالة، تغامر، وتقامر، ويهرع العرب لتسديد فواتيرها، وإلا كيف نفسر العراك على الأموال السعودية، خصوصا ما قاله نبيه بري، وأعلام المعارضة، رغم التباهي بالمال الطاهر؟

وإذا كان رعد يفخر بأنه قد أعاد تقييم وضعه الأمني قائلا «عالجناها وأصبحنا في أحسن حال»، فماذا عن المدنيين الذين تضرروا من حرب 2006؟ من سيعيد لهم بيوتهم ومشاريعهم التجارية؟ هل على العالم العربي، وتحديدا الخليجيين، دفع فاتورة مغامرات حزبهم الإلهي؟

هذا عبث، ففي ظل أزمة مالية تعصف بالجميع يخرج لنا رعد بوصفة حروب جديدة، تحتاج لممول، بينما نحن بحاجة لوصفة ارتقاء بالتعليم وخلق الوظائف، وتحسين الرعاية الصحية.. هذه هي الحقيقة التي يجب أن يسمعها المغامرون بجيوب غيرهم.

كما أن كلام رعد يناقض تماما تصريحات شريك حزب الله ميشال عون الذي يهاجم الأكثرية بالقول «إننا نعاني المشكلة الاقتصادية بسبب سياساتهم التي أوقعتنا في الدين»، فهل المطلوب اقتصاد فعال، أم حروب جديدة؟ وأي دين الذي يتحدث عنه عون والبلاد ما فتئت تخرج من حرب إلى انقلاب بسبب شركائه الإلهيين؟ كلام لا يتسق بعضه مع بعض أبدا!

أما قول رعد بأن على لبنان عدم الانسياق خلف المنهزمين العرب فذلك يعني صراحة تهجما على دمشق، ولكن السؤال هنا هل استعادة الجولان أمر انهزامي؟ فالمنطق يقول إن استعادة الأرض المحتلة حق بكل الوسائل، ومنها المفاوضات.

وهنا يحق لنا أن نتعجب ونتساءل، هل تصريحات رعد هي موقف حزب الله من المصالحة العربية، وتحديدا قمة الرياض بين كل من السعودية ومصر وسورية والكويت، أم أن رجال حزب الله يخشون من أن استعادة دمشق للجولان ستعني تقليم أظافرهم؟

أعتقد أن المصالحة، والمفاوضات، قد دقتا ناقوس الخطر لدى حزب الله وقادته.

[email protected]