الإعلام الجديد

TT

بسرعة وبدون تفكير، ما هي باعتقادك أكثر الوزارات تأثيرا في الدول العربية؟ الإجابة التي يتفق عليها الخبراء هي أن وزارة الإعلام هي الجهة التي لديها الأجهزة والقدرات والعناصر والأدوات لإحداث أكبر قدر ممكن من التغيير. فالوزارة لديها «حضور» هائل في حياة الناس على مدار الساعة من خلال وسائلها المطبوعة والمرئية والمسموعة، وبإمكانها إحداث أكبر قدر من الفعالية والتأثير في حياة الناس بشكل هائل. إلا أن وزارات الإعلام أصبحت لديها سمعة سيئة في أغلب الأحيان، وأنها ليست سوى بوق هش للسلطة فقد جدارته ومصداقيته، وبات من الصعب الاعتماد عليه بجدية. واليوم تواجه هذه الوزارات تحديا كبيرا في بناء جسور الثقة بين المواطن وحكوماته بعد اتساع الهوة بينهما، وتغير خارطة اللعبة مع انتشار المحطات الفضائية وزيادة عدد القنوات المرئية والمسموعة، مع ارتفاع ملحوظ في أحجام الإصدارات الصحفية الجديدة. العالم العربي لا يزال متعلقا بالإعلام القديم، فالتلفزيون والإذاعة والصحيفة لا تزال وسائل شديدة التأثير في ظل استفحال الأمية الإلكترونية التي تجعل انتشار المواقع والإعلام الإلكتروني محدودا جدا. هناك وزيران جديدان للإعلام في السعودية والبحرين جاءا بمفاهيم مهمة، قد يساهمان في تغيير النهج والواقع ببلديهما. الدكتور عبد العزيز خوجة ليس غريبا عن الإعلام، فهو ابنه منذ زمن قديم، ويجيء بنفسية وروح لافتة، غرضه التعاون ومد الأيادي، وإبراز الإنجاز السعودي بصورة جديدة وإيجابية. الدكتورة مي آل خليفة تجيء من خلفية ثقافية مميزة، ولديها أسلوب تشريحي وناقد سيجعلها قادرة على إحداث الحراك الإيجابي المطلوب في دولة ديناميكية كالبحرين. الأردن حاول أن يقدم أنموذجا مثاليا للرؤية التشريعية في العصر الحديث وخطا خطوات شديدة الأهمية، إلا أن التحدي أمامه لا يزال كبيرا، ولبنان تعثر كثيرا، وسقط إعلامه ضحية التناحر السياسي، وخرج من السباق لصالح مناطق أخرى. دبي والدوحة وأبوظبي لها إنجازات مهمة في هذا المجال، وخصوصا في تجهيزات البنية التحتية والدعم الكامل، مما جعلها قادرة على جذب المستثمر بشكل فعال وكبير.

دور وزارة الإعلام يجب أن يتغير من مشغل إلى مراقب ومشرع، وينتقل بذلك من عقلية المالك إلى عقلية الداعم، وهذا تغيير كامل في الذهنية، يتناسب مع الأوضاع العالمية الجديدة والسوق الحر. الإعلام لم يعد مجرد وسيلة غسل دماغ سياسي أو قمع فكري، ولكنه منظومة اقتصادية كاملة، لو تم دعمها لكانت موردا هائلا للمال والفكر. الفرصة سانحة لإحداث نقلة نوعية في الفكر الإعلامي العربي طال انتظارها.

[email protected]