هل تصبح إيران سويسرا؟

TT

دشن الرئيس الأميركي سياسة «القوة الناعمة» مع إيران بخطاب متلفز يعد مهما ومؤشرا على مرحلة جديدة، ملخصها أن واشنطن تريد بدء حوار مع إيران. لكن إذا كان بوسع واشنطن تغيير طريقة تعاملها مع إيران، فهل بوسع الملالي تغيير طريقتهم مع «الشيطان الأكبر» أميركا؟

أوباما لم يخاطب القادة الإيرانيين وحسب، بل خاطب الشعب الإيراني، الذي خرج بعد 11 سبتمبر 2001 ليضيء الشموع تعاطفا مع ضحايا الإرهاب في أميركا، وهنا تتضح أهم ملامح «القوة الناعمة» التي أعلنت عنها هيلاري كلينتون من قبل.

ومن عناصر «القوة الناعمة» التي تتعمدها واشنطن وظهرت في خطاب أوباما، الحديث عن الوجه المشرق للحضارة الإيرانية، من فنون وموسيقى، وحتى اقتباس للشيرازي، وإن كان ذلك مؤثرا بالنسبة للإيرانيين الذين يحنون للماضي وليس لنظام الملالي الثوري!

رد الفعل الإيراني الأولي جاء كما هو متوقع، حيث تطالب طهران أميركا بالاعتذار عن الماضي، والاعتذار يعني تعويضات وخلافه، لكن السؤال هنا: ما هو الذي تطلبه واشنطن من إيران؟ فكل ما لمح له أوباما في خطابه كان نزرا يسيرا، لكنه مهم.

تحدث أوباما في خطابه عن إيران فاعلة بالمجتمع الدولي لكن بعيدا عن الإرهاب والذراع العسكرية، وهذا يعني أن توقف طهران تدخلاتها في العراق، وتهديد استقراره، كما توقف دعمها لحزب الله، وحماس.

كما على إيران أن تنهي احتلالها للجزر الإماراتية، وتوقف تعطيل عملية السلام في المنطقة، خصوصا أننا قد نشهد انطلاق المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية، واستكمال الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني.

أيضا مطلوب من إيران إيقاف التهديدات لدول المنطقة، كما أن أميركا تريد بالطبع من إيران التوقف عن تهديد إسرائيل. وأخيرا، وهذا أهم من كل شيء، هو أن تصرف إيران النظر عن مشروعها النووي.. فهل سيقوم ملالي إيران بكل ذلك؟

في حال فعلت طهران كل ما هو مطلوب منها، فليس لأحد إشكالية معها، بل ستتحول إلى سويسرا المنطقة، حيث تصبح دولة مسالمة، ومصدر استقرار وازدهار في المنطقة، لكن ذلك يعني ببساطة أن تتخلى الجمهورية الإسلامية عن أهم ركن في أمن ملاليها، وهو مبادئ الثورة الإسلامية. هنا تكون إيران هي التي قامت بثورة جديدة، لا واشنطن، وهذا أمر صعب تحققه إلا إذا أراد أوباما التنازل عن أشياء كثيرة، وأهمها أن تعطي أميركا ما لا تملك لإيران التي لا تستحق، وهو أمن المنطقة، وهنا نكون فعلا أمام وعد بلفور ثان.

مشكلة إيران ليست في أن من حولها يهددون أمنها، ويسعون لتدميرها، بل إن المشكلة تكمن في أن طهران هي التي تلاحق دول المنطقة من كل الاتجاهات، سياسيا، وأمنيا، وطائفيا. فإيران هي الموجودة في العراق، ولبنان، والخليج، وليس العكس. كما أن إيران هي التي تصدر الثورة، وتزرع جواسيسها بالمنطقة، وليس العكس. وإيران هي التي تطلق شعارات التهديد، وليس العكس. وعليه فنحن الآن أمام مرحلة جديدة من الصراع مع طهران، وهي مرحلة «القوة الناعمة».

لكن هل بوسع إيران أن تتغير، وتتنازل عن فكرة تصدير الثورة؟ هنا السؤال.

[email protected]