حماية الشيعة لمواجهة إيران

TT

لم يعد خافيا أن إيران تستغل ورقة الشيعة والتشيع للتدخل في الشؤون العربية. فمن تصريحات تبعية البحرين لها، إلى الاستمرار في تعنتها برفض حل مشكلة الجزر الإماراتية سلميا، وتدخلها في العراق وشق الصفين اللبناني والفلسطيني، وقطع المغرب علاقاته معها على خلفية دعم حركات التشيع فيه إضافة لأسباب أخرى.

تطرح إيران نفسها على أنها الدولة الوحيدة التي يحكمها المذهب الشيعي، وعليه فإنها تسوّق أن من واجبها الدفاع عن الشيعة في كل مكان. لكن تدافع عن الشيعة ضد من؟ وفي مواجهة من؟ وهل الشيعة العرب في حاجة إلى حماية من طرف ما؟ وهل يمارس الشيعة العرب طقوسهم وشعائرهم الدينية حسب مذهبهم بحرية؟ وهل يعيش العرب ـ سنة وشيعة ـ في بلدانهم العربية كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات؟

إذا كانت الإجابة بنعم، فإن مهمة إيران لمحاولة اختراق الجبهة العربية الداخلية مهمة صعبة، بل هي شبه مستحيلة. فالشيعي العربي الذي يشعر بالمواطنة والاستقرار، لن يتطلع إلى مساعدة من الخارج لنيل حقوقه بل سيتصدى لأي تدخل خارجي. لكن إن كانت الإجابة بلا، فإن علينا أن نعمل على الدفاع عن حقوقهم كمواطنين والعمل على تعزيز الحقوق المدنية كبديل للطروحات الطائفية.

دول وآيديولوجيات كثيرة استخدمت شعارات عديدة للتدخل في شؤون الآخرين، أو لتعبئة مجاميع فئوية وطائفية وعرقية نحو هدف سياسي تحت شعار حماية تلك المجاميع.

إسرائيل استخدمت الديانة اليهودية لتعبئة يهود العالم نحو أهداف الصهيونية. والدكتاتوريات العربية قمعت الحريات وعبثت بالسلطات لتجثم على صدور شعوبها بحجة التصدي لإسرائيل وتحرير فلسطين لأنه «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة».

وإيران ورثت حجة تحرير فلسطين ليحافظ النظام في طهران على بقائه، فلا حريات ولا فرص عمل ولا حقوق أقليات عرقية أو مذهبية لأنه «لا صوت يعلو فوق صوت تصدير الثورة».

كتبت مرة على أن التشيع عربي وليس بإيراني أو من أية جنسية أخرى. والخوف كل الخوف أن يردد بعض العرب قلقه من السياسة الإيرانية بلغة مذهبية وطائفية. فالمشكلة ليست في أن إيران تنشر التشيع، ولكن المشكلة أن إيران تتدخل في الشؤون الداخلية العربية. التصدي لتحدي التدخل الإيراني في منطقتنا يتطلب إيجاد السواتر المدنية المنيعة التي تشعر الجميع بالخطر لأنهم مواطنون أحرار، ولأنهم يرفضون تكسب الآخرين على حساب مذهبهم.

المشكلة في السياسة، واستخدام الدين من أجل السياسة. إيران تستخدم الدين كدولة دينية مذهبية، وعلى من يعارضها ألا يستخدم سلاحها المذهبي لأن هذا ما تنشده إيران، ولأنه الكفيل بإعطائها وقودا في تدخلها السياسي من قبل العرب الشيعة إذا وقع الجميع في فخ الطائفية.

هناك من يربط التشيع بإيران بشكل تلقائي، وهذا ما تريده إيران. وهناك من يسوق للخوف من إيران لأنها «شيعية»، وهذه هي الطائفية بعينها التي ستحرق الأخضر واليابس.

نصيحة أخيرة لنا كعرب ولإيران: من يلعب بنار الطائفية، سيحترق بها!!