مسؤولية يشترك فيها الكونغرس

TT

في السادس من ديسمبر (كانون الأول) 2007، عندما كانت هيلاري كلينتون بعيدة عن مجلس الشيوخ إبان محاولتها للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، طلبت من زعيم الأغلبية هيري ريد أن يقدم مشروع قانون لها تقترح فيه حظر توفير تمويل لتنفيذ أي اتفاقية مع العراق «تتضمن (التزامات أو مخاطر تؤثر على البلاد في مجملها)، ومنها أي اتفاقية بشأن وضع القوات» إلى أن يوافق الكونغرس على هذه الاتفاقية. وتكون «الالتزامات والمخاطر» من منظور وزارة الخارجية عند السعي للحصول على موافقة من الكونغرس على اتفاقيات دولية.

وصرحت كلينتون بأنه أمر «مخز أن تسعى إدارة بوش إلى التحايل على الكونغرس الأميركي في قضية لها هذا القدر من الأهمية بالنسبة للأمن القومي».

وفي الأول من أغسطس (آب) الماضي، قدم جو بايدن، الذي كان وقتها سيناتور، مشروع قانون يدعو فيه إلى حظر توفير تمويل لـ«أي التزام أمني يرتبط بالعراق أو اتفاقية أمنية معه» طالما لم يوافق الكونغرس. وكان بايدن يشعر بالغضب من أن «قيادات العراق تخطط لطرح الاتفاقية أمام البرلمان العراقي، فيما لم يقم رئيسنا بنفس الإجراء». ناقش البرلمان العراقي الاتفاقية التي سميت «بشأن انسحاب القوات الأميركية من العراق وتنظيم نشاطها خلال وجودها المؤقت في العراق»، وصدّق علي الاتفاقية البرلمان العراقي.

وتنص الاتفاقية على واجبات على الولايات المتحدة تجاه الحكومة العراقية «خلال القيام بعمليات عسكرية» في إطار «وجود مؤقت» عند القيام بأي شيء ضد «تنظيم القاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابية والجماعات الخارجة عن القانون وبقايا النظام السابق»؛ وفي «حال وجود أي تهديد خارجي أو داخلي أو عدوان على العراق يمكن أن ينتهك سيادته واستقلاله السياسي وسلامة أراضيه ومياهه وسمائه ونظامه الديمقراطي أو أي من مؤسساته المنتخبة، وبناء على طلب من الحكومة العراقية يجب على الأطراف بدء النقاشات الاستراتيجية، كما يتم الاتفاق عليه، ويجب على الولايات المتحدة اتخاذ الإجراءات المناسبة، ومن بينها الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، أو غيرها من الإجراءات، لردع هذا التهديد».

نعم، الولايات المتحدة لديها «اتفاقيات وضع قوات» مع حوالي 115 دولة، وهذه الاتفاقيات كانت بناء على قرارات تنفيذية اتخذت بصورة منفردة. ولكن، الاتفاقية الجديدة مع العراق أكثر أهمية من أي اتفاقية وضع قوات اعتيادية. علاوة على ذلك، فإنه بعد كل الدماء الأميركية التي سالت في العراق والأموال التي أنفقت، وبعد الخلافات العميقة التي ظهرت بين الأميركيين بسبب الطريقة التي تم بها تبرير الحرب وطريقة الاحتلال، يجب أن تحصل أي اتفاقية يجري التفاوض عليها كي تصبغ عليها صبغة رسمية، على الالتزامات الأمنية الأميركية إزاء العراق، إما على موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ أو أن تكون «اتفاقية تنفيذية يوافق عليها الكونغرس»، ويجب أن تحصل على أغلبية في غرفتي الكونغرس.

عندما كانوا أعضاء في مجلس الشيوخ، كان موقف الرئيس الحالي ونائب الرئيس ووزيرة الخارجية هو أن السلطتين التشريعية والتنفيذية يتقاسمان مسؤوليات السياسة الخارجية. بيد أنه من الواضح أن رأي المرء يعتمد على المنصب الذي يكون فيه، وأوباما وبايدن وكلينتون في الوقت الحالي في السلطة التنفيذية. وعليه، ربما يكونون أقل ميلا إلى فكرة تقسيم السلطة كي يتم مناقشة القرارات المهمة من قبل جهتين متنافسين مسؤولتين. وحيث إنهم أعضاء في الحزب الديمقراطي، شعر الثلاثة، كلينتون وأوباما وبايدن، بالقلق قبل الانتخابات من أن الرئيس جورج دبليو بوش يمكن أن يلزم خلفه بسياسات بغيضة. ولكن، ما زالت هناك قضية أكبر وهي التوازن الدستوري بين مسؤوليات السلطتين التنفيذية والتشريعية إزاء العلاقات الخارجية. وحتى إن كان من المؤكد، وهو ليس كذلك في الوقت الحالي، أن القوات الأميركية سوف تخرج من العراق في تاريخ محدد فإن ذلك سوف يفرغ القضية الدستورية من سمتها.

يجب على أميركا، بعد أن أنشأت حكومة دستورية في بغداد، ألا تتجاهل ذلك في الداخل. وعليه، إذا كان الكونغرس سيسعى لاستعادة بعض من القوة المؤسساتية التي ضمرت بسبب عدم الاستخدام تحت أغلبية من كلا الحزبين؛ وإذا كان الكونغرس سوف يسعى لاستعادة المسؤوليات التي خسرها لصالح السلطة التنفيذية خلال الحرب الباردة وغيرها من الحروب غير المعلنة، فإنه يجب أن يناقش الكونغرس الاتفاقية الجديدة مع العراق. كما أنه سيكون من المفيد، والممتع، مشاهدة الكثير من الديمقراطيين يلحقون بالكثير من الجمهوريين في الإطراء على اتفاقية، ربما يجري عليها الرئيس الحالي بعض التعديلات، كي يستمر الوجود الأميركي في العراق عن طريق قوات قوامها 50.000 فرد أو وجود يتضمن بالتأكيد «التزامات أو مخاطر تؤثر على البلاد في مجملها».

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»