انفراج مؤقت

TT

النداء الذي وضعته هيئة علماء السودان، مناشدة المشير البشير عدم الذهاب إلى قمة الدوحة درءًا لكيد الأعداء الكافرين، لم يقنع أحداً، لكن الجميع رحبوا به. أولا، الشعب السوداني، الذي يرى في النداء مخرجاً دبلوماسياً مقبولا. ثانياً، المدعي العام أوكامبو، الذي يعرف أنه في الظروف الحالية لا يستطيع أن يطلب من أي دولة مساعدته على تنفيذ مذكرة الاعتقال، لأن أحداً لا يستطيع أن يسجل على نفسه مثل هذه السابقة، حتى بوجود مذكرة دولية. ليست هناك دولة تقبل بأن تقول للشعب السوداني إنها اعتقلت رئيسه.

ثالثاً، الدوحة. لقد أزيح عن صدرها حمل ثقيل. فهي لا تستطيع أن ترفض حضور البشير ولا تستطيع أن تخالف القوانين الدولية. ولو فعلت سوف تحرج إلى حد بعيد شركاءها الغربيين، وخصوصاً أميركا وفرنسا، اللتين تتزعمان الحملة الدولية في مسألة محاكمة البشير.

ثم هناك الدول العربية العاملة بالقانون الدولي والملتزمة بالأعراف والمعاهدات والمواثيق. وهذه لا تريد أن تبدو وكأنها خارجة على القانون، لكنها في الوقت نفسه حريصة على وحدة السودان وعلى سلامته وعلى أن يخرج من هذا المأزق بكرامته وهدوئه السياسي، في انتظار العثور على حل لقضية «رمز هذه الأمة وولي أمرها وحادي ركبها» كما وصفه نداء العلماء، خصوصاً أن صحيفة «آخر لحظة» السودانية تنبهت في اللحظة الأخيرة إلى «وجود قاعدة عسكرية أميركية في قطر». والصحيح طبعاً قاعدتان. كما الصحيح أيضاً أن قطر ليست عضواً في المحكمة الدولية وبالتالي ليست ملزمة بتنفيذ مذكراتها.

على أن النداء إلى «حادي الركب» حل مؤقت لمسألة مؤقتة. يبقى الآن البحث عن حل حقيقي لمعضلة حقيقية، الأهم فيها هو السودان وسلامة السودان ووحدة السودان، وليس البشير ووزيره للشؤون الإنسانية. وهذه مسألة تحظى بإجماع القيادات السودانية وليس فقط الحريصين على سلامة «حادي الركب». أقول بالإجماع وأنا واثق من أن الدكتور حسن الترابي سوف ينضم إلى هذا الموقف في نهاية المطاف، إدراكاً منه لمدى خطورته.

لكن هذا الحماس الذي أدخل فيه البشير السودانيين لن يستمر طويلاً. غداً تهدأ المشاعر ولا يكون أوكامبو قد غلى المذكرة وشرب زومها. ولذلك لا بدَّ من البحث عن حل، ضمن أروقة القانون الدولي، وبعيداً عن المهرجانات المتنقلة.