لماذا يتجاهل الرئيس هدية علمية؟

TT

عندما رفع الرئيس أوباما الحظر على التمويل الفيدرالي لأبحاث الخلايا الجذعية في الأجنة أخيرا، أعلن أن القرارات العلمية ستتخذ منذ الآن وفقا «للحقائق، وليس الأيديولوجيات».

يبدو ذلك جيدا، ولكن ماذا لو كانت هناك حقائق غير أيديولوجية يبدو أن أوباما يتجاهلها؟ إحدى هذه الحقائق هي أنه منذ أن بدأ أوباما الترشح لمنصب الرئاسة، قام العلماء ببعض الخطوات المذهلة في أبحاث الخلايا الجذعية البديلة. ويبدو أن العلم والأخلاق اتفقا أخيرا، بمعنى آخر، يبدو أن أوباما غفا لبعض الوقت أثناء وقت اجتماع الاثنين. إما أن يكون الأمر كذلك، أو أنه قرر الوفاء بوعد سياسي قديم كان أهم من الاعتراف بالتطورات الحديثة. وفي هذه العملية، أضاع فرصة يثبت فيها أنه موال للعلم، ولكنه أيضا حساس تجاه مخاوف دافعي الضرائب الذين لا يريدون دفع الأموال مقابل الأبحاث التي تتطلب تدمير الأجنة.

ومن المؤسف أن الخلاف حول الخلايا الجذعية يبدو مثل الصراع بين العلم (وكأن العلم دائما على حق) وبين المتدينين (وكأن المتدينين دائما ما يكونون على غير صواب). وفي الحقيقة، عند اختيار الأطراف، يكون من السهل تخيل تناول الغذاء مع عالم يريد إعادة كريستوفر ريف (الذي لا يتوقف أوباما عن ذكره) وجعل الحياة تدب فيه من جديد، مقارنة بمحتج غاضب يحمل جنينًا موضوعًا داخل جرة. وفي الحقيقة، تضمنت كل حالة فردية من نجاحات معالجة المرضى بالخلايا الجذعية حتى الآن - مثل إصابات الحبل الشوكي والتصلب المتعدد - خلايا جذعية دموية للحبل السري أو خلايا بالغة، وليست خلايا جذعية جنينية. ورغم أن الأموال الفيدرالية لن تمول تدمير الأجنة، إلا أن الأبحاث الممولة فيدراليًا يمكنها أن تحصل على أجنة أنشئت خصيصًا لإجراء التجارب. بالتالي، يقدم دافعو الضرائب في الوقت الحالي تحفيزًا لسوق لإنشاء الأجنة وتدميرها.

وارتكز الإصرار على استخدام الخلايا الجذعية الجنينية على الحجة التي تقول إنها كان بإمكانها أن تسفر عن الكثير من النتائج المحتملة، وأن بمقدورها أن تكون أي خلية من أي نوع. ولم يعد بالإمكان بعد الآن تقديم مثل هذا الزعم، وذلك بعد الاكتشاف المثير الذي تم التوصل إليه عام 2007 ألا وهو: «الخلايا الجذعية وافرة القوة المستحثة» والمعروف اختصارًا بـ«iPSs»، وهو المكافئ المعملي لاختراع الطائرة. وببساطة شديدة للغاية، يمكن «الخلايا الجذعية وافرة القوة المستحثة» أن يتم إنتاجها من خلايا الجلد، وذلك عبر حقن الجينات التي بإمكانها إجبار الخلية على الرجوع من جديد إلى حالتها الأولية، مع بقاء جميع القدرات وافرة القوة للخلايا الجذعية الجنينية. ويريد الكثير من الباحثين بالطبع إجراء بحث عن الخلايا الجذعية الجنينية، بتمويل خاص كما اعتادوا دومًا. وقد يتفق البعض أو يختلف مع أهدافهم وأغراضهم، إلا أنه قد يتراءى على مخيلة أحدهم سؤال حول السبب وراء أنه يتعين على دافعي الضرائب تمويل شيء مهاجم أخلاقيا فيما يتوفر البديل. والأمر التالي أن يظهر اتجاه لرفع التعديل المسمى وللأسف باسم ديكني ويكر في الكونغرس، والذي يقضي بحظر استخدام الأجنة البشرية للأغراض العلمية. وإذا ما تم إلغاء هذا التعديل، يمكن أن تُخلق الأجنة البشرية وأن يتم تدميرها بأموال دافعي الضرائب الفيدرالية.

ويمكن للأفراد الصالحين ألا يتفقوا على هذه الأشياء، ولكن هؤلاء من يصرون على أنها «تتعلق فقط بالإجهاض» يفوتهم ملاحظة وجهة النظر، فمبرر الأمر يتمثل في أن الحياة البشرية ليست هينة أو بالأمر التافه. وتحديد الدور الذي يتعين على الحكومة أن تلعبه في هذا التبرير قد يمثل الأزمة الأخلاقية لهذا القرن. وفي هذه الحال، فقد سلم العلم لأوباما هدية، ثم أعادها مرة أخرى.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»