أعادوا للفلاح حماره.. مع الأسف!

TT

في الأدب الشعبي الفرعوني قصة بديعة.. القصة أن فلاحا ذهب إلى السوق، فسرقوا حماره. انتهت القصة. ولكن الخيال ذهب بها إلى مجالات ومجالات بعيدة وبديعة. فقلنا وقالوا إن صاحب الحمار راح يشكو الظلم الذي وقع عليه، واستحالة الحياة من غير حمار.. أي من غير وسيلة مواصلات.. من غير أداة لنقل البضائع والأمتعة.. ومن غير أداة من أدوات الإنتاج. وكان كل يوم يجدد في شكواه. وأُعجب به الناس.. وتسامعوا به في كل مكان، حتى بلغت الرجل الكبير؛ فاستدعاه. وما كان من هذا (الفلاح الفصيح) إلا أن أعد خطبة ـ أو بكائية ـ بديعة. قالها، وتغنى بها، وأبكى مئات من رجال القصر والكهنة الذين كانوا يستمعون ويستمتعون.. وشكره الرجل الكبير، وانصرف الفلاح الفصيح، وانتهت القصة..

ولم نعرف إنْ كانوا قد عثروا له على الحمار، أو دفعوا له تعويضا. لا شيء من ذلك. وإنما الرجل الفقير الفصيح جاء، وقال، وأبكى، وأضحك، وكأنه مثل على مسرح في أحد الميادين.. ولما انتهى من بكائه، نزل الستار، وانصرف الناس. وتناقلنا هذا المعنى على أن المصريين ـ من قديم الزمان ـ بكاءون شكاءون، ولا يجدون حلا.. إلى هذه الدرجة سلبيون، وأنهم من أجل أن يسمعوا أغنية أو نشيدا يضيعون أي وقت، ولا تمتد أيديهم إلى جيوبهم، ولا يرفعون ظلما عن مظلوم!.

وفى الأسبوع الماضي ظهرت ترجمة عربية لعالم الآثار العظيم جاستون ماسبيرو، ومن ترجمة السيدة فاطمة عبد الله محمود، التي توفيت قبل صدور الكتاب بأيام بعنوان «حكايات شعبية فرعونية». وفى الكتاب أن المخطوط الأصلي يقول إنهم سمعوا بكائيات الفلاح الفصيح، ثم أطعموه هو وزوجته وأولاده، ثم ردوا عليه حماره. انتهت القصة. ويجب أن نشغل أنفسنا.. لماذا لم يعاقبوا اللص؟. والجواب بسيط. وحتى لا تذهب في خيالك بعيدا: إنه ابن أحد الحكام!