شدوا الأحزمة.. وصل نتنياهو

TT

فوز بيبي نتنياهو برئاسة الحكومة الإسرائيلية جاء مثل ولادة طفل مشوه، نبأ لا يسر، لكن لا بد من التعامل معه. فوزه يثير الخوف وخيبة الأمل إلى درجة لم يتردد في التعبير عنها صراحة حتى الرئيس الأميركي باراك أوباما. والسؤال: إلى أين سيقود المنطقة صاحب أسوأ سمعة في تاريخ إسرائيل الحديث؟ هل يتغير كما تغير الجزار شارون وقبله المتطرف مناحم بيغن؟ أم إننا في عهده سنرى حروبا أكبر في غزة والضفة وربما في إيران؟

لأننا نناقش قضية حكم إسرائيل، وهي مكررة وواضحة تقريبا من جميع جوانبها، علينا أن نكون واقعيين وصريحين. نحن نعلم ما الذي تستطيع أن تفعله وتعطيه الأطراف الرئيسية في المنطقة، وتحديدا إسرائيل، التي تعتبر أكثر الدول وضوحا في أهدافها وقدراتها. ولو قرر نتنياهو أن يجعل حياة العرب والفلسطينيين سلسلة من العذابات، فإن الوحيد القادر على مناطحته هو الرئيس الأميركي. وذلك تصرف مستبعد لسببين، الأول قوة اللوبي الموالي لإسرائيل، والثاني لا يوجد عند الأميركيين بديل لإسرائيل في دعم أي عمل عسكري يقومون به غدا ضد إيران أو رفاقها. فإسرائيل تلعب دور الشرطي في المنطقة وليست مجرد صديقة.

ورغم كثرة حديثنا عن اللوبي الصهيوني، يجب ألا نقلل من نفوذ واشنطن على إسرائيل. فمهما أوتي نتنياهو من عناد وإصرار على رفض مشروع السلام، أو حاول تخريبه، يعلم جيدا أن للأميركيين اليد العليا في التأثير على إسرائيل، وربما الإطاحة بحكومته. لكن الدافع الذي قد يمنع أوباما من الدخول في معركة مع نتنياهو هو عدم ثقته في العرب. فلا يوجد لهم موقف موحد وأكيد من مشروع السلام المنشود. وعندما نتحدث عن العرب لا نعني بهم في هذه الحالة العشرين دولة، بل دول لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة لها دور فاعل في القضية، وعلى رأسها سورية التي لها مطالب ربما يعجز أوباما عن تحقيقها.

الحليف الحقيقي لنتنياهو هو الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، لأن كليهما ضد مشروع السلام. فإسرائيل تريد سلاما يعطيها القدس ونصف الضفة ويبقي على المستوطنات، وإيران تريد القنبلة النووية والنفوذ الإقليمي على العرب. وبالتالي فإن البلدين في تحالف غير معلن ضد أي مشروع أميركي للسلام. إيران تحرك أطرافها للتحرش بإسرائيل، وإسرائيل ترد بحرب، وهكذا سيجد أوباما أن مشروعه للسلام في حلبة ملاكمة.

سيرهق نتنياهو أوباما والعرب والفلسطينيين، وسيبحث عن معركة كبيرة يخلد فيها تاريخه مثل ديفيد بن غوريون في 48، وموشي دايان في حرب الـ67، أو أريل شارون في 82. والحقيقة أن نتنياهو لا يملك كثيرا من مقومات الزعامة، إضافة إلى أن التاريخ تغير، لم تعد الأرض العربية مفتوحة بتلك السهولة التي كانت عليها في الماضي.

حكم نتنياهو إسرائيل بين عام 96 و99 وصبغ حقبته بالدماء والاضطرابات، ونجح في شيء واحد؛ إفشال مشروع السلام الذي أسسه اسحق رابين واغتيل بسببه.

[email protected]