ثمن التقارب مع حزب الله

TT

بدأت تتكشف أسباب المفاوضات البريطانية مع ما وصف بالجناح السياسي لحزب الله في لبنان، فالمعطيات المتاحة تشير إلى عكس ما أعلن من قبل عن أسباب المفاوضات بين البريطانيين وحزب الله؛ إذ يبدو أن السبب الرئيسي هو رغبة لندن في تأمين الإفراج عن المختطفين البريطانيين الخمسة في بغداد منذ عامين، مقابل الإفراج عن معتقلين من جماعة مقتدى الصدر وقيادي من حزب الله اللبناني لدى الأميركيين في العراق، وليس استقرار لبنان.

بالطبع من حق بريطانيا فعل كل ما بوسعها لتأمين سلامة مواطنيها، لكن هناك نقاطا مهمة وخطرة، عراقيا ولبنانيا وعربيا، تشير إلى مدى خطورة الإيرانيين وعملائهم في المنطقة.

فيكفي التذكير بأن السفارة البريطانية في بغداد قد تسلمت الأشرطة الخاصة بالمختطفين البريطانيين من أحد أعضاء البرلمان العراقي، كما أن حزب الله اللبناني يطالب بالإفراج عن أحد معتقليه الذي احتجز في بغداد، لا في لبنان!

والأهم من كل ذلك أن البريطانيين لم يفاوضوا الصدريين، أو حكومة المالكي، بل يفاوضون حزب الله اللبناني من أجل إطلاق سراح بريطانيين اختطفوا في بغداد، والسؤال هنا: أين تبدأ حدود حزب الله وأين تنتهي؟ وما هو دور حزب الله في العراق، بل وفي منطقتنا ككل؟ وهذا أمر يذكرنا بقصة اختفاء الجندي الأميركي من أصل لبناني في بغداد، أوائل أيام سقوط نظام صدام حسين، ومن ثم ظهوره في لبنان!

فما الذي كان يفعله قيادي بارز من حزب الله في بغداد؟ ومن كان يدرب هناك، وأين يذهب هؤلاء المتدربون، ومن أين أتوا أصلا؟ وما علاقة قيادي حزب الله بفيلق القدس الإيراني؟

والسؤال الآخر هنا: ما هو دور حكومة نوري المالكي في العراق، والأمن الذي يتحدث عنه، خصوصا مع الانسحاب الأميركي، فكيف يقوم عضو البرلمان العراقي بتوصيل الشريط الخاص بالمختطَفين؟

أمر مريب ومزعج يظهر لنا ملامح العراق الذي تريده إيران وعملاؤها في منطقتنا، حيث من الواضح أن العراق قد تحول إلى معسكر تجمع لعملاء طهران من لبنان وغيرها من العالم العربي، بينما نحن لا نسمع شكوى من حكومة بغداد إلا عن تنظيم «القاعدة» فقط!

وكما أسلفت، فمن حق البريطانيين السعي للإفراج عن مواطنيهم، لكن من يفرج عن العدد الأكبر من الرهائن الأبرياء الواقعين تحت براثن إيران في العراق، وكذلك الرهائن الواقعين تحت رحمة حزب الله في لبنان؟

ولذا كنا نحذر مطولا من خدعة الحديث عن جناح سياسي مختلف عن الجناح العسكري لحزب الله، فكلاهما وجهان لعملة واحدة، وبالتالي فمن المضحك القول إن التفاوض مع الحزب الإلهي سيؤدي لاستقرار لبنان، بل على العكس تماما. فالتفاوض الغربي مع حزب الله يضلل المترددين في لبنان، خصوصا في الانتخابات القادمة، حيث يعتقدون أن هناك اعترافا دوليا بالحزب، وهذا بالنسبة للغرب، أما بالنسبة للعرب فللأسف يبدو أنهم لم يستوعبوا بعد خطورة الحصار الإيراني لهم من كل مكان.

[email protected]