نجوم وشائعات وحروب كلامية!

TT

حينما كنا نلعب الكرة صغارا، كنا نتداول أسماء مشاهير الكرة المصرية والسودانية، ونلقب بعضنا بعضا بأسمائهم، حتى أن أهم لاعب كرة في تاريخ السعودية اكتسب لقب «الغراب» من اسم لاعب سوداني كان يلعب لنادي الهلال البحري في جدة، واسمه يوسف غراب، فثقافتنا الكروية آنذاك لم تكن تتجاوز أسماء مشاهير الكرة في مصر والسودان أمثال: مكاوي، والضزوي، والفناجيلي من مصر، والهادي سيام، وحسن العبد، وعمر حامد من السودان، وتوسعت دوائر معارفنا بعد ذلك بأسماء لاعبين عالميين أمثال: المجري بوشكاش، والبرتغالي إيزيبو، والألماني بيكنباور، وغيرهم، لكن لا أعتقد أن تاريخ الكرة منذ أن عرفها الصينيون قبل حوالي 3000 سنة قبل الميلاد احتفى بأسماء لاعبين بقدر ما احتفي باسمي: بيليه، ومارادونا، ومساحة الاختلاف كبيرة في أيهما أحق بلقب اللاعب الأهم في تاريخ كرة القدم، فهناك من يرى أن بيليه الذي بدأ علاقته بالكرة منظفا لأحذية اللاعبين قبل أن يقود بلاده، البرازيل، إلى منصات التتويج العالمية، هو أهم لاعب عرفته ملاعب كرة القدم، وثمة من يرى غير ذلك، ويعتقد أن مارادونا الأحق باللقب من حيث المهارة، والطاقة، والفنيات، والواقع أن كلا من بيليه ومارادونا أسهما في توسيع دائرة شهرة كرة القدم لتغدو اللعبة الشعبية الأولى على مستوى العالم، ويصبح أبطالها منافسين في النجومية لمشاهير الفنانين، والسياسيين على مستوى العالم.

وتتناقل بعض المصادر الإعلامية هذه الأيام شيئا من المعارك الكلامية بين النجمين الشهيرين، فبيليه ـ الذي يعد بطلا قوميا في بلاده البرازيل ـ لم يستطع أن يوقف لسانه من الحديث عن سقطة مارادونا المتمثلة في إدمان المخدرات، وظل بين الحين والآخر يستحضر هذه السقطة حينما يأتي على ذكر اسم منافسه مارادونا، ولأن دماء الأرجنتين ساخنة، فوارة، وملتهبة كحال دماء العرب، فإن مارادونا كان جاهزا للرد على خصمه بيليه بأقذع الصفات حينما وصفه بالمثلية في صباه، مستندا إلى معلومة مغلوطة نشرتها إحدى وسائل الإعلام قبل سنوات، ونفاها بيليه في حينه.

المؤسف في فضائح النجوم أنها تخدش الرؤية المثالية، التي يحتفظ بها المعجبون لنجومهم، فصغار السن غالبا يتخذون من نجومهم الرياضيين أمثلة، ونماذج اقتداء، واهتزاز صور النجوم من شأنه إرباك معجبيهم من الناشئة، ويزداد الأمر خطورة، حينما تكون مثل هذه الأخبار الفضائحية مجرد شائعات سخيفة كاذبة كتلك الشائعة التي روجت لها إحدى وسائل الإعلام الإنجليزية عن بيليه، ليلتقطها ـ بعد سنوات ـ مارادونا في محاولة غير عادلة لجر سمعة منازعه في الشهرة إلى دائرة الشبهات، التي وقع فيها مارادونا ذات يوم، وكأنه يثأر لنفسه من نقاء صورة بيليه على المستوى العالمي.

فلتبق الكرة ـ كما قيل عنها ـ أخلاقا، وفروسية، ومدرسة لغرس السمات النبيلة.

[email protected]