التين والزيتون

TT

«التين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين» من الآيات الكريمة التي طالما استغلها الطفيليون والفكاهيون الجائعون والأكالون. ولا عجب، فما أطيب على النفس من تجاور التين والزيتون على المائدة.

روى الأصمعي فقال إنه استضاف أعرابيا لمأدبة ثم دعا جاريته أن تأتيهما بالتين. فنسيته. فقال للأعرابي بعد ساعة: أتحسن شيئا من القرآن؟ أجاب بنعم. فسأله أن يقرأ شيئا منه. فقرأ: «بسم الله الرحمن الرحيم. والزيتون وطور سنين». فاستوقفه الأصمعي قائلا: وأين التين؟ قال: «نسيته أنت وجاريتك».

الفالوذجة مادة أخرى أثارت قرائح الظرفاء. فقال أبو الحرث لو أن موسى عليه السلام أرى فرعون قطعة فالوذج بدلا من العصا لآمن بالله!

أعود إلى صاحب «المستطرف» لأغترف من طرائفه أمثلة أخرى. يروي الأبشيهي كيف أن الحمدوني دخل على رجل وعنده أقوام وأمامهم أطباق من الحلوى دون أن يمدوا أيديهم إليها. فقال: لقد ذكرتموني ضيف إبراهيم وقوله تعالى: «فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة». ثم قال «كلوا يرحمكم الله». فضحكوا وأكلوا.

قالوا إن إبراهيم الخليل عليه السلام كان أول من سن القرى. وقيل إنهم سألوه بم اتخذك الله خليلا؟ فقال: بثلاث. ما خيرت بين شيئين إلا اخترت الذي لله على غيره. ولا اهتممت بما تكفل لي به. ولا تغديت ولا تعشيت إلا مع ضيف. ويقولون ما خلا مضيف الخليل من ضيف إلى يومنا هذا ليلة واحدة. ويستشهدون هنا بما ورد في سورة الذاريات: «هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين».

وقال علي بن الحسين رضي الله عنهما: من تمام المروءة خدمة الرجل ضيفه كما خدمهم أبونا إبراهيم الخليل. أما سمعت قول الله عز وجل: «وامرأته قائمة».

وكان الحسن رضي الله عنه عند بقال، فجعل يأخذ من هذه السلة تينة فيأكلها ومن السلة الأخرى فستقة فيأكلها فقال له هشام ما بدا لك يا أبا سعد في الورع؟ فقال له: «يا لكع! اتل علي آية الأكل». فتلاها «ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم». واستشهدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دخل دار بربرة رضي الله عنها وكانت غائبة عن بيتها فأكل من طعامها وهي غائبة.

استمر هذا النهج في الاستشهاد بالذكر الحكيم والسنة النبوية الشريفة في شتى ملابسات الشرب والأكل والطعام إلى يومنا هذا، سمعنا الكثير ولما نزل.

شوهد الظريف المصري المعروف، إمام العبد وهو يأكل في شهر رمضان المبارك. فأنبوه على سوء فعلته. قالوا له، يا إمام تفطر أمام الناس وأنت في شهر رمضان؟ فأجابهم قائلا: «أنا من حزب فاطر السموات والأرض»!

www.kishtainiat.blogspot.com