استهداف المستعربين..

TT

استطاع اللوبي الإسرائيلي تسديد الضربة الأولى لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عندما قاد الحملة القوية التي انتهت بإسقاط مرشح الإدارة لرئاسة مجلس المخابرات القومي تشارلز فريمان.

فريمان الذي يحسب على جناح «المستعربين» Arabists في الخارجية الأميركية، اعتبره اللوبي الإسرائيلي «إيباك» وحلفائه من المحافظين شخصية قريبة من العرب، ويمكن أن تشكل خطراً على المصالح الإسرائيلية وتضر بالعلاقات الأميركية مع تل أبيب. إدارة أوباما حاولت الوصول إلى صفقة مراضاة لمقايضة اللوبي اليهودي للموافقة على تعيين تشارلز فريمان لمنصب المخابرات مقابل تعيين الدبلوماسي السابق دينيس روس، المقرب من اللوبي اليهودي «الإيباك» في الخارجية لمتابعة الملف الخليجي والإيراني. ما حدث يشير إلى عدم التزام اللوبي اليهودي بالصفقة.

من أطلق الرصاصة الأولى في هذه الحملة هو ستيف روزن المدير التنفيذي السابق للوبي الإسرائيلي (إيباك) والذي على وشك الوقوف أمام المحكمة الفيدرالية لمواجهة تهم التجسس ضد أميركا لصالح إسرائيل خلال عمله كمدير للوبي.

المعارضون لترشيح فريمان يشيرون إلى علاقته القريبة بالسعودية، ويعتبرونه من جناح «المستعربين» داخل الخارجية الأميركية الذين يحرصون على تقوية العلاقات العربية الأميركية، الأمر الذي يعتبره مناصرو إسرائيل تهديداً للعلاقة الأميركية ـ الإسرائيلية الخاصة والحلف الاستراتيجي بينهما. فأي تقارب عربي أميركي يعتبره مناصرو إسرائيل خطرا لابد من التصدي له والقضاء عليه.

فريمان عقب انسحابه وجه الاتهام للـ«اللوبي الإسرائيلي» في كل الاتهامات التي وجهت إليه. وقال إن أنصار اللوبي الإسرائيلي استخدموا كل أساليب التشويه والكذب من أجل إفشال ترشيح وتعيين أي شخص لا يشاركهم وجهات النظر.

انسحاب فريمان يدل للوهلة الأولى على ضعف واضح لإدارة أوباما أمام الضغوط اليهودية، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من مخاوف العرب تجاه المواقف التي قد تتخذها إدارة أوباما تجاه القضايا العربية وخاصة قضية الشرق الأوسط.

استقالة فريمان تعني خسارة المعتدلين والمستعربين للجولة الأولى من معركتهم مع «إيباك» اللوبي الإسرائيلي الشرس.

السؤال هو: هل ستؤدي هذه الهزيمة إلى رفعهم الراية البيضاء والانكفاء أو الاختفاء أم أنها ليست سوى جولة واحدة في صراع طويل في عملية الدفع بالسياسة الأميركية إلى مزيد من التوازن والاعتدال في العلاقات الأميركية ـ العربية والعلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية.

ما يطالب به المستعربون الأميركيون ليس إضعاف العلاقات الأميركية الإسرائيلية، وإنما تقوية العلاقات العربية الأميركية وهو أمر لا يزال يرفضه الكثيرون من مناصري إسرائيل. أوباما والبيت الأبيض فضلوا عدم التعليق على ما حدث، ولكن الذين يعرفون الرئيس أوباما عن قرب، يعرفون أنه شخص لا يقبل أساليب الضغط والتخويف من أي جهة كانت، ويتوقعون أنه غاضب جداً لتصرف اللوبي اليهودي، إلا أنه من النوع الذي يكظم غيظه ويتخير الوقت الذي يناسبه للرد المناسب بالطريقة المناسبة.

* كاتب أميركي من أصل ليبي