الدوحة قمة التوبة

TT

مشكلة العالم العربي ليست بسبب عدم اجتماع قادته، بل المشكلة هي في اجتماعهم، وهذا أمر واضح في تاريخ القمم العربية، وحتى اليوم، فما يتفق عليه لا ينفذ، وما يطرح مكرر.

فقد رأينا العقيد القذافي في قمة قطر وما قاله بحق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، فإذا كان ذلك اعتذارا فما هي الخصومة؟ وسمعنا الشيخ حمد بن جاسم قبل القمة يقول توبة من دعوة نجاد وحماس للقمة بلغة توحي بتهكم.

وسمعنا الرئيس السوري يقول إن السلام لا يمكن أن يتم مع عدو لا يؤمن بالسلام. حسنا، وماذا عن التصريحات السورية الأخيرة عن الرغبة في السلام، وضرورة الدور الأميركي؟ فأي اتجاه علينا أن نتبع؟

كما أن الرئيس السوري يقول لا بد من تشاور عربي قبل طرح أي مبادرة عربية، والسؤال هنا: هل يمكن أن يكون هناك تشاور مع العرب قبل أن يكون هناك أي تنسيق مع إيران للتدخل في شؤوننا؟

وعندما تقول قمة الدوحة إنها ضد محاكمة البشير، وتمنح لذلك الموضوع مساحة في مداولاتها وفي البيان الختامي، فكيف تكون لهم مصداقية وهم يتجاهلون ضحايا دارفور، وأين مصداقيتهم وهم يطالبون بمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وماذا عن محكمة الحريري؟

ولذا نقول إن مشكلة العرب هي في اجتماعهم وليس في عدمه، فليس هناك أجندة واضحة للقمم، ولا ضمانة أن أحدا لن يخرج عنها، بل لا ضمان أن لا انحدار في الخطاب، والخصومة.

فبعض العرب يتخذ قرارا فرديا ويريد أن تكون المسؤولية جماعية على العرب، وآخر يريد فقط تسجيل حضور، وطرف آخر يفعل ما بوسعه ويسخر الأموال بحثا عن دور، حتى لو لم تكن هناك المقومات الأساسية.

أعتقد أنه بات من الضروري اليوم، وعطفا على ما رأيناه، ونراه، أن تعقد القمم العربية في مقر الجامعة العربية بالقاهرة، وتحت رئاسة الدولة العربية المناط بها رئاسة القمة، وذلك لتضييع فرصة التنافس غير العملي، وتجنب الدعوات غير المرغوبة أو المطلوبة.

كما أنه من المهم أن يكون هناك جدول محدد واضح للقمم دون أن يتغير تحت أي أسباب، وألا يسمح بالكلمات المرتجلة وغير المعدة والمتفق عليها، بحيث تكون هناك مراعاة للمدة وعدد الكلمات، وأن تكون هناك آلية حتى للكلمات المكتوبة، وليس ضرورة أن تقرأ أمام الميكروفون دائما.

فما شاهدناه في الدوحة، رغم كل شيء، هو استمرار لخلل متكرر وانفعالية عربية لم تعقلن بعدُ رغم كل المآسي، فرغم الخطب الرنانة، وحفلات التخوين، لا خاض العرب حربا مخططا لها، ولن يخوضوا، فمن يتحدثون كثيرا لم يطلقوا رصاصة واحدة منذ زمن طويل.

كما أن الصادقين والمخلصين يجدون أنفسهم أمام قادة يقولون ما لا يفعلون، ويقودون منطقتنا من كارثة إلى أخرى، وما يجب أن يقال بكل صراحة هو أنه ليس كل العرب يشبه بعضهم بعضا، فهناك من يعدّ إنجازه هو بقاءه في الحكم، وهناك من يعتبر إنجازه هو تحقيق الانتصارات الوهمية، وهؤلاء لا يشبهون إطلاقا من يريد البناء والتعليم والارتقاء بمواطنيهم.

[email protected]