حمار الشيخ العز بن عبد السلام!

TT

معروض في القاهرة الآن مسرحية الأستاذ توفيق الحكيم «السلطان الحائر» ويمكن أن تسميها المومس الفاضلة ـ تماما مثل مسرحية الفيلسوف سارتر التي لها نفس الاسم.

موضوع المسرحية كتبه المؤرخ المصري ابن إياس في كتابه «بدائع الزهور».. قال إن العلماء رأوا أن السلطان لا يحق له، وهو عبد، أن يحكم الأحرار. والحل: بيع السلطان ومن يشتريه يعتقه. انتهى الخبر.

واستطاع توفيق الحكيم بحرفنة وذكاء أن يتناول هذا الخبر فجعل منه تحفة فنية بديعة. فالفصل الأول محاكمة الرجل الذي قال إن السلطان عبد وإنه هو شخصيا قد اشتراه وباعه.. ولا بد من إعدام هذا الرجل حين سماع صوت المؤذن للفجر. وتحايلوا على المؤذن فلم ينطق بكلمة. ولذلك يجب ألا يعدم هذا النخاس..

وفي الفصل الثاني نجد أن مومسا أو إحدى الغانيات قد اشترت السلطان.. وأصبح لها تفعل به ما تشاء، لأن السلطان قد باعته الدولة في مزاد علني واشترته الغانية واشترطت أن يمضي ليلة في بيتها ثم تعتقه عند سماع صوت المؤذن. وقد كان الأذان عند منتصف الليل! فكان لا بد من عتقه. وأعتقته. ووصفها السلطان بأنها سيدة فاضلة.. مومس فاضلة..

هذه المسرحية ظهرت في أوائل الستينات وكانت الصحافة في مصر قد أممت. وضقنا بذلك تماما. وكتبت مقالا عاقبني عليه الرئيس عبد الناصر بفصلي من رياسة تحرير مجلة «الجيل» ومن تدريس الفلسفة في الجامعة. وكان توفيق الحكيم سعيدا بهذا الأمر البالغ. وفى نهاية مقالي قلت هذه العبارة التي كانت سببا في ما جرى: إن قاضي القضاة واسمه العز بن عبد السلام ركب حماره ووقف على حدود مصر. هو نيابة عن العلماء. وحماره نيابة عن الشعب المصري..

فلما سمع الرئيس السادات هذه القصة قال لي: أنت تستحق الشنق وليس الفصل!

قلت يا سيادة الرئيس أنت حيرتني، فالرجل الذي شنق الناس اكتفى بفصلي، والرجل الذي لا يفصل يطالب بشنقي!