الأسرة السعودية

TT

كنت أطالع سعيدا خبر مغادرة الأمير سلطان بن عبد العزيز للمستشفى بعد أن من الله عليه بالشفاء، محاطا بعدد كبير من إخوانه، وأبنائه، وأفراد أسرته، الذين رافقوه في رحلة العلاج، ويعبر هذا الالتفاف عن مكان ومكانة الأمير سلطان بن عبد العزيز في نفوس أفراد أسرته، وقلوب أبناء وطنه، كما يعبر ـ في الوقت نفسه ـ عن الواقع الجميل الذي تعيشه الأسرة السعودية، ويجسد صدق محبتها، وعمق روابطها، ووحدة أفرادها. وهذا النموذج الرائع الذي تمثله الأسرة المالكة في السعودية يشكل المثال الجميل الذي تطبقه الكثير من الأسر في المجتمع السعودي.

وقد سألني أحد الزائرين يوما عن البروتوكول المتبع لأفراد الأسرة المالكة في الاحتفالات التي يحضرونها، فقلت: «إنه بروتوكول الفطرة السوية، والقيم الأصيلة الموروثة، الذي يقدم فيه الصغير الكبير احتراما، ويحفز فيه الكبير الصغير رعاية»، فهز الرجل رأسه إعجابا، وهو يقول: «شيء رائع أنكم لا تحتاجون إلى نشرة لحفظ التراتبية كما نفعل في احتفالاتنا الرسمية».

ففي مدرسة الملك عبد العزيز تعلم أبناؤه القواعد التي تحكم العلاقات الأسرية والاجتماعية، وقاموا ـ هم ـ بدورهم بتعليمها لأبنائهم لتغدو تلك المعارف سلوكا، وقيما، وفضائل عميقة الجذور. وقد حدثني المرحوم الشيخ صالح الخزامي، وهو أحد أعلام التربية والتعليم في بلادنا، أنه حينما عمل معلما في المدرسة، التي تعلم فيها أبناء الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ حضر توجيه الملك لمعلمي أبنائه، إذ أوصاهم بالتعامل معهم ـ أي الأبناء ـ بنفس الأسلوب الذي يتعاملون فيه مع غيرهم من التلاميذ، وأن يوجبوا عليهم طاعة المعلم وتوقيره، واحترام الكبير وتقديره، مؤكدا لهم أن لا تعليم ولا تأديب إن لم تتحقق الطاعة في التلميذ، والاحترام للمعلم، والوقار للكبير.

ويقول الأمير سلمان بن عبد العزيز في المحاضرة التي ألقاها في جامعة أم القرى العام الماضي: «كنا نهاب عددا من الرجال من خاصته ـ أي خاصة الملك عبد العزيز ـ الذين كان يكلفهم بإيقاظنا ومتابعتنا يوميا في أداء الصلاة من هيبة الوالد، لعلمنا أنهم يتلقون أوامر صارمة منه لمتابعتنا»، وفي هذه الأجواء التربوية تشكلت منظومة المثل الرائعة، كالترابط الأسري، وتوقير الكبير، ورعاية الصغير، ونحو ذلك من القيم التي تشكل اليوم ـ كما أسلفت ـ المثال الجميل الذي تطبقه الكثير من الأسر السعودية، إيمانا بأن الأسرة هي خلية المجتمع الأولى، التي يزدهي المجتمع بتماسكها، وتلاحمها، ووحدة أفرادها. فليهنأ المجتمع بدوائره الأسرية التي تتسع دائرتها الكبرى لتشمل الجميع رعاية وحبا.

[email protected]