من يجلس على طاولة القمار؟

TT

في تقريره عن الاتفاقات الائتلافية والخطوط العريضة للحكومة الإسرائيلية الجديدة، وصف زميلنا نظير مجلي بنيامين نتنياهو كمن يمارس لعبة رهان مخططة حول طاولة قمار في كازينو.

والسؤال اليوم هو: من سيجلس على نفس تلك الطاولة ليلعب مع نتنياهو، أو يساعده في ورطته الحالية، خصوصا وأن الإسرائيليين من الداخل والخارج قد استوعبوا خطورة حكومة نتنياهو، وتحديدا اختياره لليبرمان كوزير خارجية؟

فها هو مصدر كبير في الشرطة الإسرائيلية يقول إن هناك قرابة ألف وثيقة خطية تشير إلى شبهات جدية ضد وزير الخارجية ليبرمان، بل وتم التحقيق معه لمدة ثماني ساعات، في شبهات تدور حول خيانة الأمانة، وتلقي الرشوة، وتبييض أموال، والاحتيال.

هذا إسرائيليا، أما أميركيا فقلة الذين يريدون الجلوس على طاولة القمار مع نتنياهو، فمن سوء حظ رئيس الوزراء الإسرائيلي، وحسن حظنا، أن المستشارين والمؤثرين من فريق أوباما هم ممن عملوا سابقا مع الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون.

وهذا يعني أن فريق أوباما الحالي يعرف كل خدع وحيل بنيامين نتنياهو، الذي يدعي أنه نضج سياسيا، ومجرد قراءة لتلك المرحلة نستطيع أن نعرف كيف أن العلاقة بين نتنياهو وبيل كلينتون كانت قد وصلت إلى درجة كبيرة من التردي وحتى سقوط نتنياهو حينها.

في كتاب «الأرض الموعود بها كثيرا» للمبعوث الخاص السابق للشرق الأوسط أرون ميلر، كشف فيه عن لقاء بين بيل كلينتون ونتنياهو في عام 1996، حيث قدم فيه نتنياهو محاضرة لكلينتون عن الصراع العربي الإسرائيلي، مما أثار غضب كلينتون بشكل كبير.

يقول مؤلف الكتاب إن بيل كلينتون قال في رد فعله على نتنياهو: «من يظن نفسه هذا الـ......؟ من الـ...... صاحب القوة العظمى في هذه الجلسة؟»، والكلام المنقط بالطبع هو لتعبيرات من الصعوبة نقلها، أو تلطيفها.

وبالتالي فكل الخوف أن من سيجلسون على طاولة نتنياهو للقمار اليوم هم العرب، حيث يجارونه في تصريحات حكومته العدوانية، أو وزير خارجيته المتطرف، مما يمنح رئيس الوزراء الإسرائيلي فرصة للهروب إلى الأمام.

والخوف أيضا أن يستغل بعض هؤلاء العرب من قبل إيران للرقص على إيقاعات المتطرفين الإسرائيليين، مما يجعلهم يقدمون طوق النجاة لنتنياهو وفريق حكومته، وخصوصا ليبرمان، ويتضح ذلك من عدة أمور، وإن كان أهمها هنا هو السعي الحثيث من قبل المحور الإيراني لإلغاء مبادرة السلام العربية، أو الانتقاص منها عربيا بأي شكل. والأمر الآخر هو اللغة التصعيدية من قبل البعض لإظهار أن العمل العسكري هو الخيار الأمثل للوصول للسلام، وهذا يعد طوق نجاة لنتنياهو.

على الفلسطينيين، وهذا الأهم، توحيد صفوفهم من خلال عقلنة صراعهم _ ولن أقول خلافهم _ وتغليب مصلحتهم الوطنية، كما عليهم أن يقرروا هل يريدون دولة، أم أن أقصى طموحهم هو السلطة؟

وعليه فإذا لم يتنبه العرب إلى ذلك فإنهم سيكونون قد ارتكبوا الخطأ والخطيئة، من خلال لعبهم القمار، أولا، وثانيا مع مَن؟ نتنياهو!

[email protected]