في مواجهة الأشباح أو القوى الخفية

TT

رغم الانتصارات غير المسبوقة التي تحققها الأجهزة الأمنية بقيادة مهندس الانتصار على الإرهاب الأمير نايف بن عبد العزيز، تظل الحاجة قائمة إلى المساندة الفكرية لتلك المنجزات من قبل المختصين في الشؤون النفسية، والتربوية، والاجتماعية، وغيرها لتحليل كيف استطاعت القوى الخفية أن تسرق بعض الشباب من دوائر نفوذ وتأثير علماء الوسطية، والاعتدال إلى دوائر علماء التكفير، والتفجير، فكبار العلماء يؤكدون في مختلف المناسبات أن الجهاد ليس المقصود به سفك الدماء، وإنما إعلاء كلمة الله، وأن للجهاد اشتراطاته، التي لا تتحقق في ما قام به بعض الشباب في مناطق الصراع المختلفة، فمن الأهمية تحديد تلك القوى الخفية، التي تربصت بهؤلاء الشباب في المسجد، أو البيت، أو المدرسة، أو الشارع، أو الإعلام لتودي بهم في دروب المهالك، وكذلك معرفة الأساليب السحرية، التي استخدمتها تلك القوى لكي يهجر أولئك الشباب أسرهم ومجتمعاتهم وأوطانهم، وهم يحملون أرواحهم على أكفهم لينخرطوا في حروب مجانية، هي من نسج أجهزة مخابرات مشبوهة، أو صراعات زعامة لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

وفي كل مرة يدلي فيها التائبون الآيبون باعترافاتهم على شاشة التلفزيون أتمنى لو أن هذه الاعترافات تتضمن مساحات كافية، ووافية للحديث عن بيادر التحولات النفسية، التي جعلتهم ينتقلون إلى الفكر الآخر المتطرف، وكذلك الأجواء التي أحاطت بتلك التحولات، وأساليب التأثير، ومعززات التحول، وغيرها من الأمور التي يدركها المشتغلون بالقضايا النفسية جيدا، فالحديث المتكرر عن «رفاق السوء»ـ هذا المصطلح الهلامي ـ يوشك أن يعطل محاولة الفهم، أو حل لغز التحولات التي يتعرض لها هؤلاء الشباب، الأمر الذي قد يعوق بناء منهج وقائي، شامل، ودقيق يستند إلى إدراك الحيل النفسية التي تستخدمها القوى الخفية، وسد الثغرات في التكوين النفسي والمعرفي لبعض الشباب، تلك الثغرات التي تتسلل من خلالها القوى الخفية إلى أفكار هؤلاء وعواطفهم لتجعلهم غرباء في عيون المجتمع، والمجتمع غريب في عيونهم.

أكتب هذه السطور، وفي الذهن صورة ابن الجيران، الصبي البريء، الطيب، المسالم، الذي جرفته العاصفة الهوجاء إلى العراق قبل سنوات ليلقى حتفه هناك بعد شهور من وصوله.. ربما لم يكن المسكين أكثر من ضحية بين يدي أمراء الحرب، وعشاق الزعامة.

ولأبنائنا أمنيات صادقة بالمزيد من الوعي، والحكمة، والنضج.

[email protected]