اختيار باراك حسين لا يكفي

TT

في خطابه الأخير فاتح الرئيس الأميركي جمهوره بأن هناك من ظن أن انتخاب «باراك حسين أوباما»، هكذا قالها، يكفي لحل مشاكل بلاده. ولا بد أن أوباما نفسه ظن في لحظة ما أن الأمور بالفعل ستكون أهون بمجرد أن يباعد بينه وبين سلفه جورج بوش لكن هاهو يرى بأم عينيه أن الأمور تزداد اشتعالا.

لم تمض أربع وعشرون ساعة على تصريح أوباما متنبأ بأن الإرهابيين سيستهدفون الأراضي الأوروبية حتى دوى انفجار في نيويورك، وتلاه تصريح تنظيم طالبان معلنا مسؤوليته عن العملية. لحسن حظ أوباما أن الفاعل كان فيتناميا، والدافع شخصي، وإلا فإن شهر العسل الرئاسي يكون قد وصل إلى نهايته، حيث سيتهم بالتهاون مع الإرهاب.

المشكلة جدية وليست نفسية، بدليل أن أوباما فعل أشياء كثيرة جيدة ولم تنفع. فقد افتتح رئاسته بإطلاق سراح معتقلين مسلمين في سجن غوانتانامو، ومنع المحاكمات العسكرية، وخاطب المسلمين كأول شعوب العالم، ووجه رسالة تصالحية للإيرانيين، وتعهد بانسحاب من العراق أسرع مما خطط له جورج بوش، وأعلنت وزيرته للخارجية هيلاري كلينتون أنه لم يعد هناك شيء اسمه «الحرب على الإرهاب» في سياسة أميركا الخارجية. مع هذا ازداد العنف.

حلقة العنف المفرغة نفسها مستمرة ببطولة طالبان والقاعدة، باستثناء أن طالبان صعدت من نشاطاتها، رغم أن الرسالة العلنية من واشنطن أنه يمكن التصالح مع طالبان. لم تنجح الرسائل السرية والإشارات الإعلامية والأمر يستوجب الارتياب فالأرجح أن طالبان ليست إلا القاعدة، بدليل أن مشروع طالبان الأساسي لم يتغير من منع تعليم البنات بالقوة، وحرق مدارسهن وقتل معلماتهن، ومنع الموسيقى.

برنامج طالبان محلي محافظ، بخلاف القاعدة ذات المشروع الدولي التي استمتعت طويلا بالطموح المتواضع عند الحليف الطالباني وانكبت على محاولتها غزو العالم وتدميره.

الذي أتوقعه أن يعود أوباما إلى مشروع بوش سيئ الصيت، لأنه لن يجد خيارا في محاربة القاعدة ومواجهة إيران والتضييق على كوريا الشمالية.

أكرر أنه لا يوجد خيار آخر لأن هذه الأطراف، رغم كل ما فعله أوباما منذ تسنمه الحكم، لم يفد أبدا في تعديل مواقفها. ففي كل خطوة تقدم بها إلى الأمام تحداه الخصوم أن يخطو أكثر دون مقابل.

نظام طهران أعلن على لسان أكثر من مسؤول أن واشنطن بانتخابها أوباما اعترفت بعجزها أمام إيران. حتى طالبان التي لم تكن تعنى بالشؤون الخارجية صارت تفتي وتعلن وتدعي نشاطات خارج مناطقها القبلية.

وأخيرا صار أوباما ينطق في خطبه بما كان يردده بوش عن الأخطار الثلاثة، إيران النووية، والقاعدة الإرهابية، وكوريا الشمالية. سيجد أوباما أن لا مناص من العودة إلى المواجهة الشاملة، سياسيا واقتصاديا ودعائيا وعسكريا.

[email protected]