سر انحناءة أوباما للملك

TT

لو لم يقل أبو الطيب المتنبي هذا البيت:

«أنام ملء جفوني عن شواردها

ويسهر الخلق جراها ويختصم»

لقاله الرئيس الأميركي باراك أوباما، فحاله يشبه حال المتنبي في مواجهة الكثير من الأميركيين، الذين يشغلون أنفسهم حتى اللحظة لمعرفة انتماءات أوباما الدينية، إن كان مسيحيا، كما يصرح بذلك، أم مسلما فرضت عليه طموحاته السياسية أن يخفي إسلامه، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن نحو 10 في المائة من الأميركيين يواصلون اعتقادهم بأن أوباما مسلم، وليس مسيحيا كما يدعي، باعتبار أن والده مسلم، وأنه ينتمي في جذوره إلى مجتمع مسلم، ورغم أن القانون الأميركي لا يمنع أن يتولى مسلم رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن القانون ليس دائما السيد المطلق إذا ما اتصل الأمر برئاسة أميركا.

وجاءت انحناءة الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام الملك عبد الله بن عبد العزيز، عند لقائه به على هامش قمة العشرين بلندن، لتوقظ الشكوك من جديد حول الهوية الدينية لأوباما، ولم يطق غاري باور، المرشح الجمهوري الرئاسي السابق صبرا فقال إنه:«يتودد للمسلمين بشكل مثير للريبة»، والذي يتضح أن خصوم أوباما أغفلوا الكثير من الحقائق في تفسير انحناءته، فالرجل الذي عاش جزءا من صباه في إندونيسيا، حاول أن يستحضر في موقف لقائه مع خادم الحرمين الشريفين ما يفعله الإندونيسيون، فالانحناءة تعبير عن إبداء المودة في الثقافة الإندونيسية، والشرق آسيوية عموما، فضلا عما يكنه هذا الرجل من احترام وتقدير لشخصية الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي أطلق أهم الدعوات في العصر الحديث، دعوة حوار أتباع الديانات والثقافات لنزع فتيل الكراهية، والصراعات، والحروب، فانحناءة أوباما لا تحتمل الكثير من التفسير الذي ذهب إليه المحافظون اليمينيون في الولايات المتحدة الأميركية، والإعلام المتعاطف معهم.

والحقيقة أن أوباما وزوجته ميشيل، قد شغلا الصحافة الأوروبية بنجوميتهما، وعفويتهما، وذكائهما أثناء وجودهما في لندن إبان قمة العشرين، فلم يحدث أن اهتمت الصحافة الأوروبية منذ زمن برئيس أميركي وزوجته بقدر ما فعلت تجاه أوباما وزوجته ميشيل، فلقد أحيطا بأكبر قدر من الأضواء، والمتابعة، والإعجاب إلى الدرجة التي أعادت إلى الأذهان حالات الإبهار، التي كان يحدثها الرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي، وزوجته الجميلة جاكلين، أو جاكي، كما كان يحلو للصحافة أن تدللها، ولهذه النجومية الكبرى ضريبتها، وثمنها، وكلفتها، فهي تثير ـ بكل تأكيد ـ حنق الكارهين، وتوقظ عيون المتربصين.

[email protected]