التدخل الإيراني في العراق

TT

المملكة المتحدة ليست هي الوحيدة التي تفكر في مستقبل العراق، على خلفية تسليم قواتنا المسؤولية الرسمية عن البصرة الأسبوع الماضي. ففي الجوار، تعكف إيران على التفكير في خطوتها المقبلة. لقد كانت طهران لفترة طويلة المبعث الرئيسي للمشكلات في هذه البلاد، مستفيدة من القنابل التي تزرع على جوانب الطرق، أملا في أن تعجل المزيد من الإصابات بين صفوف قوات التحالف برحيل القوات الأجنبية عن العراق.

ولكن، تعاني إيران من عقبة كبرى، ففي الانتخابات المحلية التي عقدت في يناير (كانون الثاني)، فشلت القائمة المتحالفة معها في الفوز بأي من المحافظات، حتى في الجنوب، حيث يسود الاعتقاد بأن هناك القدر الأكبر من الدعم الشيعي.

ويرجع ذلك بصورة جزئية إلى نجاح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في الإجهاز على الميليشيات المتمردة، وقرار القيادات السنية إنهاء مقاطعتها للانتخابات. يذكر أنه في انتخابات عام 2005 قاطعت نسبة كبيرة من السنة الانتخابات، حيث كانوا يرون أن أي انتخابات تحت الاحتلال تعد غير شرعية.

ومع حالة التشرذم التي عانى منها السنة، بسبب النزاعات الطائفية، تحالف السنة مع بعض الأحزاب العلمانية القومية والديمقراطية بمساعدة غير متوقعة من التنظيم المعارض الرئيسي في إيران، حركة مجاهدي خلق، الذي يتخذ من معسكر أشرف في محافظة ديالى مقرا له منذ أكثر من عقدين.

وحيث أن لديهم خبرة في محصلة سيطرة قوات أصولية على البلاد، عمل أعضاء حركة مجاهدي خلق منذ الغزو عام 2003، على إقناع العراقيين بأن عدوهم الحقيقي ليس الولايات المتحدة ولا حلفائها وإنما نظام الملالي الأصولي في إيران.

وبعد ضربة مميتة خلال انتخابات يناير (كانون الثاني)، يريد المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، التخلص من حركة مجاهدي خلق قبل الانتخابات البرلمانية العراقية، المزمع عقدها في ديسمبر (كانون الأول)، التي من شأنها أن تعيد تغيير البنية السياسية للحكومة العراقية.

في نهاية فبراير (شباط)، قال خامنئي، للرئيس العراقي جلال طالباني، خلال زيارته لطهران: «يجب تنفيذ الاتفاق الثنائي بخصوص طرد حركة مجاهدي خلق من العراق». ومهد هذا الطريق لعناصر مؤيدة لإيران في الحكومة العراقية لزيادة الضغوط على سكان معسكر أشرف والسعي لطردهم.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي موفق الربيعي، في مارس (آذار): «لقد تعرض هؤلاء الأفراد لعملية غسيل مخ، ويجب أن نحررهم من هذا السم. عندما نقوم بإزالة السم، لو كانت هذه الفرضية صحيحة، فإن ذلك سيكون مؤلما في البداية. لا يوجد بديل عن بدء الشيء المؤلم».

وخلال الشهر الماضي، طلب الربيعي من القوات العراقية، التي تولت مسؤولية حماية معسكر أشرف من الأميركيين بداية العام الجاري، منع نقل السلع الأساسية بما فيها الدواء والوقود إلى أشرف. وعلى مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، منع أقارب أعضاء حركة مجاهدي خلق، وأطباء عراقيون، وصحافيون أجانب، من الدخول إلى المعسكر. يبدو أنه بسبب الضغط الإيراني فإن العراقيين يقيمون غوانتانامو خاصا بهم. وبالطبع ليس هذا هو ما علينا أن نخلفه وراءنا ونحن نغادر العراق.

منذ عام 2004، اعترف التحالف بجميع سكان معسكر أشرف، وبأنهم «أناس محميون» بموجب اتفاقية جنيف الرابعة. وتقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر: إن سكان المعسكر يحميهم مبدأ عدم الإبعاد القســـــري بمــوجـــب القـــــانون الدولي، الذي يمنع بغداد من تسليمهم.

وإذا كان متاحا للربيعي أن ينفذ خطته، فإن المملكة المتحدة سيكون عليها أن تتحمل المسؤولية عن عدم تحريك ساكن في الوقت الذي تحدث فيه مأساة إنسانية. إن عملية الترحيل سوف تنحي التنظيم الوحيد الذي يمثل عقبة كؤود أمام توسع أصولية الملالي في هذه الديمقراطية الصاعدة، ويتيح لإيران أن تبدل الكثير من التقدم الذي حدث في العراق.

اقترحت قيادات سنية عراقية مثل صالح مطلق، الذي يتزعم جبهة الحوار الوطني في البرلمان العراقي، وحتى بعض الشيعية البارزين مثل آية الله إياد جمال الدين، الذي يترأس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان العراقي، أن تعود القوات الأميركية لتولى مسؤولية حماية معسكر أشرف، لأن ذلك سوف يخفف من بعض ضغوط إيران على الحكومة العراقية بهدف قمع الحركة.

وحيث إنها شريك رئيسي في التحالف، الذي ذهب إلى الحرب في العراق، فإن الحكومة البريطانية عليها واجب أن تطرح هذا المقترح أمام إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما. ويمكن للسيد غوردون براون، أن يستفيد من علاقة بريطانيا الخاصة لجذب انتباه الرئيس أوباما.

*عضو مجلس اللوردات البريطاني

*رئيس اللجنة البرلمانية البريطانية المطالبة بالحرية في إيران.. والرئيس السابق للجنة الشؤون الداخلية في مجلس العموم البريطاني