خيار التأميم

TT

قد يتبادر إلى ذهنك أن إنفاق 173 مليار دولار من أموالنا، نحن دافعي الضرائب، سيكون له بعض من الفعالية على شركة «إيه آي جي»، التي نمتلك 80% من أسهمها الآن. وقد تعتقد أيضا أنه عندما أخبر إدوارد ليدي، المدير التنفيذي، الذي يحتفظ بمنصبه منذ عهد هانك بولسون وزير الخزانة في إدارة الرئيس بوش السابقة، تيم غيتنر وزير الخزانة في إدارة أوباما أنه قدم 165 مليون دولار كمكافآت للعباقرة في وحدة المنتجات المالية في الشركة ـ وهؤلاء على الأرجح هم الذين أسهموا في تدمير الرأسمالية العالمية أكثر من أية جماعة أخرى ـ كان رد غيتنر على ذلك بالقول: «ليدي، أنت مفصول».

وقد بات تساهل غيتنر في مكافآت العاملين في البنوك كعقب أخيل بالنسبة للعاملين في إدارة أوباما، إذ تأتي فضيحة «إيه آي جي» الأخيرة في عدد من القرارات المحيرة بالنسبة لغيتنر التي تهدد بتقويض جهود الإدارة في إعادة انطلاق الاقتصاد، وطالما أن سياسة التساهل لا تزال متبعة في وزارة الخزانة؛ من المتوقع أن تستمر حالة الشلل في الصناعة البنكية والاقتصاد، وستقدم خطة غيتنر إعانات ضخمة من أموال دافعي الضرائب إلى صناديق التحوط وبنوك الاستثمار وشركات الأسهم الخاصة لشراء الأصول البنكية السامة، دون الاضطرار إلى المجازفة، وهذا هو الصواب، ومع أذكياء «وول ستريت» الذين قادونا إلى هذه الفوضى عبر شراء ديون الرهن العقاري التي كونت جبالا من الديون في ظل نظام مالي بات يعج بالفوضى، وهؤلاء هم الذين يحنو عليهم غيتنر لينقذونا من الكارثة التي صنعوها هم.

الحل الأكثر قبولا هو أن تتولى الحكومة إدارة هذه البنوك العاجزة عن سداد ديونها، كما تفعل عادة عندما تمر البنوك بالأزمات. وسوف يكون بمقدور الحكومة حينئذ تأسيس نظام إدارة جديد، والتخلص من حملة الأسهم، والاستحواذ على الأصول التي تدهورت قيمتها من البنوك، وإعادة بدء الإقراض، وإعادة البنوك إلى سيطرة القطاع الخاص بربح معقول لدافعي الضرائب. ربما تكون هناك أسباب، لأن تكون خطة غيتنر أكثر معقولية من هذه، لكن إذا وجدت تلك الأسباب، فقد فشل غيتنر في توضيحها.

من المؤكد أن ذلك لن يكون نتيجة لمعارضة الأميركيين لتأميم البنوك.. فقد وجد استطلاع الرأي الذي أجرته مجلة «نيوزويك» هذا الشهر أن 56% من الأميركيين يدعمون التأميم، حتى ألان غرينسبان يدعمها، لكن المشكلة هي أن غيتنر لا يتخيل نظاما بنكيا لا يدار من قبل قادته الحاليين، أو ألا يمتلكه حاملو الأسهم القائمون، أو الاستمرار في نفس الممارسات السرية من عمليات شراء الديون والرهن العقاري الذي أدى إلى تهاوي النظام المالي، أما الإدارة التي شغلت نفسها بمحاولة إيجاد بدائل لنظام رعايتنا الصحية أو سياسات الطاقة، فإنها تغرق على يد وزارة الخزانة التي لا تستطيع أن تأتي ببدائل لنظامنا البنكي الكارثي.

يمتلك ساندرز وديربان أمرين يفتقدهما غيتنر، هما: القدرة على تصور نظام بنكي أقل انتهازية وأكثر أمناً، وكذلك القدرة على سن تلك التشريعات الإصلاحية، وليس بمقدور أحد أن يتوقع أن يصبح غيتنر اشتراكيا، لكن الأمر يتطلب منه أن يطرح خطة لا تبدد أموالنا على ذات الأشخاص الذين لا يزالون يمارسون نفس الأساليب القديمة التي أودت بنا إلى هذا المأزق. هل من المبالغ فيه أن نطلب أن يقوم بتأميم البنوك العاجزة، وأن يتوقف عن الإبقاء على هذا النظام المالي المفلس؟.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ («الشرق الأوسط»)