هل هو أوباما الإيراني؟

TT

أخيرا، وكما يقال، شهد شاهد من أهلها، فها هو مرشح الرئاسة الإيرانية مير حسين موسوي يعد بتغيير صورة بلاده الخارجية، من دولة متطرفة إلى دولة معتدلة، في حال انتخابه رئيسا لإيران.

موسوي اعترف، في أول مؤتمر صحافي يعقده منذ ترشحه للانتخابات الإيرانية التي ستجرى في 12 يونيو (حزيران) المقبل، بأن «التطرف أضر بنا كثيرا. علينا العمل بجد لاكتساب الثقة على المستوى الدولي»، مضيفا «إن سياستنا الخارجية متطرفة. في بعض الأحيان، وصلنا إلى حافة التطرف، ثم وجدنا أن علينا الرجوع».

هذا الحديث يصدر من سياسي إيراني، لا هو بعربي، ولا بغربي، ولا هو بوهابي، ولا هو سني.

والسؤال هنا: ما هو رد من كانوا يصفوننا بالطائفيين، من مشجعي المحور الإيراني في منطقتنا، الذين كل مهمتهم تلميع صورة إيران. فعندما كنا نتحدث عن تطرف إيران وخطورتها في منطقتنا، كانوا يكيلون لنا التهم بدلا من مناقشة ما يطرح.

والنقطة الأهم هنا أنه طالما اعترف موسوي بتطرف إيران الخارجي، ووصولها إلى حافة التطرف أحيانا، واضطرارها إلى التراجع، بحسب ما قال، فهذا يعني أن حلفاءهم في منطقتنا أيضا متطرفون، فلا يمكن أن تتطرف طهران من دون متطرفين؟

وهذا ما كنا نقوله عن حلفاء إيران في المنطقة الذين ساهموا في زعزعة استقرارنا، وإزكاء الطائفية المقيتة بيننا. كما أن حديث موسوي عن تطرف إيران هو رد على من يدعون إلى حوار عربي مع إيران؟

لكن يبقى سؤال محوري هنا: فهل حديث مير حسين موسوي عن تحسين صورة إيران في العالم يعني أن لدى طهران مرشحا على غرار أوباما الذي قال إن بلاده تتغير ولكن على الآخرين أن يتغيروا؟

أشك في ذلك كثيرا، إذ لا فرق بين الإصلاحيين والمحافظين في إيران إزاء قضية البرنامج النووي، فعلى الرغم من اعتراف موسوي بتطرف إيران الخارجي فإنه يتمسك بحق بلاده في البرنامج النووي.

وهذا هو لب الصراع والخلاف بين إيران والمجتمع الدولي ككل، ناهيك عن جيرانها، فأميركا لا تكترث كثيرا براديكالية إيران، فهاهي واشنطن تتحدث عن التفاوض مع طالبان «المعتدلة».

كما أن موسوي مهما فعل فلن يكون أوباما إيران، ففي طهران مؤسسات وأجهزة باتت شبه مستقلة عن السلطات التنفيذية في البلاد؛ حيث تأتمر بأمر المرشد الأعلى، لا بأمر رئيس الجمهورية الإسلامية. كما أن تلك المؤسسات لها مصالح تجارية وسياسية وأمنية متشابكة، وأكبر مثال هنا هو الحرس الثوري ودوره داخل إيران وخارجها، فما لا يعرفه البعض أن قوة ذلك الجهاز ليست عسكرية وحسب، بل بلغت حتى مناشط تجارية حساسة! وبالتالي من الصعب أن يأتي أوباما إيراني الآن، ما لم تكن هناك حركة داخلية إيرانية حقيقية تقوم على احترام الغير، ولا تنطلق من منطلق طائفي أو عرقي، وحتى ذلك الحين فلا فرق بين الساسة الإيرانيين، إصلاحيين أو محافظين، حيث لا يوجد قنفذ أملس!

[email protected]