انتهى الدرس يا..

TT

هناك مثل شعبي يقول «بيت هدمناه العام وجاءنا غباره السنة»، وينطبق بجدارة على البيان الصادر باسم عزة الدوري نائب الرئيس العراقي السابق في ذكرى تأسيس حزب البعث المنحل، والذي قال فيه إن قيادات البعث تجري تقييماً شاملا لتجربة البعث في 35 عاماً بالعراق.

تطرق الدوري في بيانه إلى ما وصفه بـ«أخطاء وهفوات في مسيرة الخمسة والثلاثين عاماً» الأخيرة، وقال إنها «مردودة على من ارتكبها، فهو وحده يتحمل مسؤولية ما ارتكب أمام البعث وشعبه العظيم». وأضاف أن «البعث براء من جميع الأخطاء والهفوات والانحرافات ومرتكبيها، سيدرس البعث تجربته بعمق وشمول، ويفرز الغث من السمين..».

بالتأكيد، إن هذا الرجل يعيش في الوهم، ففي بيانه مكابرة واضحة، وهذا ديدن البعث، فهو يعد بمراجعة شاملة لتجربة الحزب، ولكن بعد ماذا، بعد أن ذهب الحكم، وتفرق «الرفاق» في مشهد مزرٍ؟ أين تلك المراجعة يوم كانوا يحكمون البلاد بالنار والحديد، ويوم كانوا ينظرون إلى الأمور بمنظار مختلف، حيث كانوا أناساً ليس لهم علاقة بالواقع، ويكفي أن نتذكر حال العراق أيامهم، وما وصل إليه اليوم بسببهم.

الغريب أن بيان الدوري يوحي بأنه يرمي أخطاء الماضي على «رفاق» الأمس، الذين منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، ومن الواضح أن المقصود هو صدام حسين، علماً بأنه سبق لرغد صدام حسين أن قالت في مقابلة مع قناة «العربية» إن مقربين من والدها خانوه وغدروا به!

وهذه ليست المرة الأولى التي يغمز فيها الدوري من قناة صدام، فقد طالب في إحدى المقابلات الصحافية التي قيل إنه أجاب عليها كتابة، الكويت بعدم الإيغال في عدائها للنظام البائد لأنه ليس للعراقيين ذنب في ذلك، وأن الكويت تعلم ذلك جيداً. هذا مع العلم أنه لم تصدر اعتراضات من قيادات البعث وقت احتلال الكويت، بل إن الدوري هو الذي قاد الوفد العراقي في مفاوضات جدة التي ترأسها من الطرف الكويتي الشيخ سعد العبد الله رحمه الله، ووقع الغزو العراقي للكويت بعدها بساعات!

علة البعثيين، والعبثيين في منطقتنا، أنهم لا يتعلمون من دروس الماضي، فإلى اليوم ورغم أن عزة الدوري رجل مطارد بعد أن كان قوياً يهابه العراقيون، لكن يبدو أنه لم يستوعب بعد عواقب الغرور والعنجهية. فالرجل لا يزال يحدد شروطاً، حيث يطالب الأميركيين بالانسحاب ومن ثم التعويض والاعتذار، وعودة الحال إلى ما كان عليه قبل سقوط النظام. وبعد أن تقوم واشنطن بكل ذلك فإنه، أي الدوري، سيقبل بعلاقات جيدة مع واشنطن!.

أي ضياع أكثر من هذا، وأي عبث أكثر من ذلك العبث، فعندما تقرأ بيان الدوري لا تملك إلا أن تقول: كم هو مسكين، وكم أن أمتنا مبتلاة بهذه النوعية من الساسة والقادة.

كل ما يمكن قوله للدوري اليوم هو عنوان المسرحية الشهيرة «انتهى الدرس يا غبي»!

[email protected]